بدور
بدور
المحتويات
أحمد حاجببه بدهشة ثم تساءل
_ من امتى
_ من وانا عندي عشرة سنين.
_ وانت شوفتها فين أصلا
توقف عن اللعب بالحصى لكنه ظل ينظر إليها بشرود إنتبه أحمد إلى تلك الإبتسامة اللطيفة التي إرتسمت على شفتيه فإبتسم هو الآخروإقترب منه حتى توقف أمامه وضع يده على رأسه وبعثره ليفيق يامن من شروده ثم قال بنبرة حانية
_ بتحب من وانت عندك عشرة سنين ومخبي على أبوك ناوي تحكيلي امتى طيب
_ هحكيلك دلوقتي بس بشرط ..
رفع حاجبيه بإستنكار فتابع يامن سريعا
_ أنا عايزك تخطبهالي!
تظاهر أحمد بالتفكير ثم إبتسم قائلا
_ موافق يلا احكي ..
ضيق عينيه وهو
_ تعالى في حضڼ جدو يا حبيبي تعالى!
لكن أمجد لم يهتم بكل ذلك بل كان ينظر إلى الفراغ بشرود أثار القلق في قلب عبد الرحمان فتساءل
_ مالك يا أمجد حالك مش عاجبني خالص.
_ ولا حاجة يا جدو متقلقش أنا بس زعلان على مۏت صاحبي ..
رمقه بشك هاتفا
_ أمجد! انت مكنتش قريب منه اصلا عشان تتأثر بمۏته بالشكل ده .. أنا مش غبي عشان اصدق ان حالتك دي بسبب انك زعلان عليه دهغير انك اكتر واحد مؤمن بقضاء ربنا .. يعني اديني سبب تاني عشان اصدق!
تنهد بتعب ثم قال
_ آه أنا مش قريب منه بس الي مأثر عليا هو انه اڼتحر زي مانت عارف.
_ طيب ..
إلتفت إلى بقية أحفاده وجال بنظره عليهم بصمت دام بينهم لدقائق قطعها هو وهو يردف مخاطبا خالد
_ وانت أختك هتفضل هنا لحد امتى
تفاجأ خالد من سؤاله الذي ألقاه على غفلة لكنه أجاب بهدوء
_ لحد اما تتجوز ..
رفع عبد الرحمان حاجبه بإستنكار وهم بالحديث لكن خالد منعه عن ذلك وهو يردف
_ يبقى ترجع لعيلتها!
عقد حاجبيه پغضب من إصرار جده الغريب .. يعلم جيدا أنه منزعج من عدم زواج أي من أحفاده إلى الآن لكن ليس لدرجة أن يستغل وضعأخته ليزوجها من أحدهم على الأقل!
زفر بضيق ثم قال
_ مستحيل ارجعها لابوها خاصة بعد ما عرفت انه مچرم!
_ مچرم
أومأ برأسه ثم أضاف بتردد
_ ايوة .. بصراحة
_ احنا قابلنا ماما امبارح وهي الي عرفتنا انه مچرم.
قالها عدي نيابة عنه وبدون تردد فبدا عدم التصديق
على وجوه الجميع بينما أردف خالد وهو يحدق بوالده ويترقب ردة فعله
_ وطلبت مني اساعدها عشان تتطلق منه ..
لاحظ إنعقاد حاجبيه ومحاولته لكبح إعتراضه عن هذه المقابلة. حول أنظاره إلى جده لكنه تفاجأ به يردد بإصرار
لوى شفتيه بإستنكار وضغط على قبضة يده بقوة في محاولة منه لمنع نفسه عن الصړاخ بوجه جده. أخذ نفسا عميقا يهدئ به نفسه لكنعيناه إتسعتا پصدمة وهو يستمع إلى ما ينطق به إبن عمه ياسين بكل برودة أعصاب
_ أنا هتجوزها!
إلتفت إليه ببطئ وتعابير مستنكرة بدت مضحكة للبقية وهتف
_ نعم ياخويا!
طالعه ياسين بحاجبين مرفوعين وتساءل ببراءة مصطنعة
_ ايه هو انا قلت حاجة عيب
رمقه بغيظ ثم تمتم
_ متحاولش تستفزني يا ياسين انت عارف اني مستحيل اجوزها لاي حد منكم عشان
قاطعه بهدوء
_ وأنا مش هتجوزها للسبب ده.
_ امال هتتجوزها ليه
_ لأني شايفها مناسبة ليا وأنا زهقت من العزوبية وعايز اتجوز وابني حياتي ..
لوى شفتيه بإعتراض لكنه سكت يستمع إلى بقية حديثه
_ بس طبعا مش هطلب منك انك تجبرها عشان توافق أنا هتقدملها زي أي واحد بيتقدم لوحدة عشان كده انا عايزك تحددلي معاد اجياتقدم فيه.
قال جملته الأخيرة بمزاح لكنه لاحظ شرود خالد به تنهد هذا الأخير بإستسلام ثم حدق به متسائلا بشك
_ انت متأكد من قرارك ده
أجابه ياسين بتأكيد وإصرار
_ اه متأكد وانت اكتر حد عارف اني مش باخد قرارات متسرعة وأكيد مش هفكر اتجوزها لسبب زي ده وانت كان ممكن تلاقي حل تاني.
زم خالد شفتيه بتفكير ثم قال
_ ماشي بس لو عائشة رفضت أنا مش هجبرها على حاجة.
كان الجميع يتابع ذلك الحوار بصمت حتى تدخل عبد الرحمان قائلا بإبتسامة راضية
_ كده اتفقنا بس لو وافقت هنكتب كتابهم على طول ومش هقبل بغير كده.
طالعه خالد بضيق لكنه أومأ بطاعة قبل أن يتمتم
_ ده لو وافقت ..
جلست الفتيات حول الطاولة المستديرة بقاعة الطعام وهن يأكلن من ذلك الطعام الذي تضعه الخادمات أمامهن بإستمتاع وكأنهن سيداتالقصر إقتربت كريمة من إبنتها ووقفت خلفها ثم همست في أذنها پغضب طفيف
_ هو أنا مش قلتلك متظهريش قدام الشباب ابدا عشان مش عايزين مشاكل
هزت رحمة كتفيها بلا مبالاة قائلة
_ عادي يا ماما مش أنا بس الي ظهرت دول شافوا قدامهم شلة بنات مرة واحدة في قصرهم الي مكنتش في بنت غيري بتدخله ..
وضعت الطعام بفمها ثم واصلت حديثها بفم ممتلئ
_ وبعدين مفيش حد بيعرف اني بنتك غير الواد ياسر ابن عمو أحمد يعني مش هعملك مشاكل متقلقيش!
تنهدت كريمة متمتمة
_ وأنا معنديش مشكلة مع حد هنا غيره.
إبتلعت رحمة ما بفمها ثم إستدارت إلى والدتها متسائلة بشك
_ هو ضايقك يا ماما طريقته في الكلام معاك مش عاجباني ولو بجد ضايقك في حاجة قوليلي وأنا هربيه من أول وجديد!
إبتسمت بسخرية معقبة
_ هتعملي ايه مثلا
أجابتها ببساطة
_ هشتكيه لعبده!
_ عشان تعملي مشاكل بينهم وكرهه ليا يزيد صح
نظرت إليها ولم تجب فتنهدة مردفة بجدية
_ أنا هعرف اتصرف معاه يا رحمة متشغليش بالك بيا ومتقوليش لعبد الرحمان بيه حاجة عشان متبقيش سبب في مشكلة بينهم ويا ريتلو تقللي من هزارك معاه برضه.
لوت رحمة شفتيها متمتمة بضيق
_ أنا مش عارفة ليه معترضة على هزاري معاه كده!
_ لانه مينفعش! احنا صح عارفين نيته ومتأكدين من انه مش بيفكر ياذيك بس برضه هيفضل راجل غريب عنك وبعدين ده خلص السبعينيعني اكبر منك بخمسين سنة تقريبا والمفروض تحترميه مش تهزري معاه .. انت مستوعبة يعني ايه أكبر منك بخمسين سنة
زفرت بملل ثم قالت بعناد
_ العمر ده مجرد رقم يا ماما ده عبده ده كيوت خالص ولما تتكلمي معاه بتحسي انه لسه في عز شبابه يعني عادي!
تنهدت كريمة بقلة حيلة وهمست وهي تسير مبتعدة عنها.
_ ربنا يهديك يا بنتي.
إلتفتت رحمة إلى دينا التي كانت تجلس على يمينها وهتفت
_ بت يا دينا!
طالعتها دينا بإستفسار فسألتها
_ مقولتيش ليه كنت عاملة نفسك مغمى عليك
همست لها مجيبة
_ بصراحة كده وأنا بطلع كنت شايفة هناء بتتكلم مع واحد من شباب العيلة ولما شفته جاي ناحيتي نزلت بسرعة ومعرفتش استخبى فينفعملت نفسي وقعت.
تدخلت بدور التي تجلس بجانبها من الجهة الأخرى قائلة وقد إستمعت إلى همسها
_ كانت بتتكلم مع مين هي عارفاهم منين اصلا
مطت دينا شفتيها بعدم معرفة قائلة
_ معرفش بس هي كانت بتتكلم مع الولد الي كان هيشيلني في الأول.
رفعت بدور حاجبيها بإستغراب وتمتمت
_ عدي طب سمعت هما كانوا بيقولوا ايه
نفت الثانية برأسها بأسف فضيقت بدور عينيها بتفكير وأردفت
_ لو كان حد
تاني كنت ممكن اقول انه معجب بيها بس عدي
سكتت
قليلا تواصل التفكير في السبب الذي يجمع إبن عمها وهناء لكن سؤال سرين الذي طرحته بصوت عال أخرجها من تفكيرها
_ هو رسلان بيقربلك ايه يا بدور
طالعتها بدور بإستغراب ثم قالت
_
أخويا! مانتي عارفة أصلا
_ امال ليه اتعصبت لما مريم قالت انك معجبة بيه
فتحت فمها بغباء بينما إبتلعت مريم ريقها عندما إستوعبت ڤضحها لسر يخص العائلة وهي تعلم جيدا أن هذا أمر لن يمرره رسلان بسهولة.
تلعثمت بدور وهي ترى نظرات البنات المركزة عليها وحاولت الإنكار لكنها أجابت في النهاية بإستسلام
_ فعلا هو مش أخويا ..
_ ازاي
تساءلت رحمة فتبادلت بدور النظرات مع عائشة ومريم ثم أجابت كاذبة
_ بابا كان متجوز وحدة أرملة قبل ماما وكان عندها طفل
من جوزها الاول وهو رسلان إستيقظ من نومه في وقت مبكر بسبب رنين المنبهالعالي والذي تكاسل عن إغلاقه توقف عن الرنين بعد ثوان فإعتدل هو في جلسته على الفراش وحرك أنامله بين خصلات شعره السوداء وهوينظر إلى الساعة بعينين ناعستين .. وقف بتكاسل بعد وقت إحتاج فيه إستيعاب ما عليه فعله ثم إتجه إلى الحمام ليستحم ويصلي صلاةالفجر قبل أن يبدأ في الإستعداد للذهاب إلى العمل .
إنتهى من صلاته بعد وقت ليس بقصير ثم إتجه ناحية الباب وهم بفتحه لكن رؤيته لقصاصة صغيرة ملقاة تحته منعه عن ذلك .. عض شفتيهمحاولا ألا يبتسم لكنه فشل في ذلك وإتسعت إبتسامته رغما عنه إنحنى ليحملها ثم إتجه ناحية أحد الأدراج وفتحه ليظهر فيه عدد كبير منالقصاصات المشابهة .
أخرج بعضا منهم ووضعهم فوق المكتب يحدق بهم بإبتسامته التي فشل في محوها .. كانت قصاصات مميزة باللون الزهري صنعت منالورق المقوى وذات رائحة زكية تضع منها بدور كل ليلة قصاصة أسفل باب غرفته منذ ذلك اليوم وفي كل قصاصة كتبت فيها جملة قصيرةتدفعه إلى الإبتسام رغما عنه ..
إبتسامتك حلوة اوي على فكرة !
إبتسم وأنا هديلك شوكولاتة وعد !
شوفتك النهاردة وانت بتحاول تداري ضحكتك لما غمزتلك من البلكونة .
ما تبتسم يا قمر انت !
بيقولوا ان ممكن يجرالي حاجة لو مبتسمتش يرضيك يجرالي حاجة
الأبيض لايق عليك على فكرة .
انت عارف انك لو مبتسمتش النهاردة أنا هعمل ايه هعيط !
كان يعيد قراءة ما كتب على بعض تلك القصاصات لكنه توقف عندما وصل إلى تلك الجملة الأخيرة إزدادت إبتسامته إتساعا وهو يذكر ذلكاليوم الذي قالت له فيه تلك الجملة عندما كانت تتصرف معه بغيظ طفولي بسبب صراخه الغير مقصود بوجهها .. مرت شهور منذ ذلك اليوم لمتحدثه فيهم ثانية وكانت فقط تكتفي بتلويح يدها له كلما رأته وهو أيضا لم يخاطبها أبدا حتى أنه لم يبارك لها تخرجها من الجامعة .. ورغم ذلك فقد كانت هي تحاول جاهدة رسم الإبتسامة على ثغره عبر وضع قصاصة من تلك القصاصات تحت باب غرفته كل ليلة .. ولاينكر أنها نجحت في ذلك حقا .
وضع القصاصة التي إلتقطها قبل قليل على المكتب ليقرأ ما كتبته هذه المرة
شفت صورك وانت صغير في ألبوم الصور في اوضة بابا كنت كيووت اوي وكانت عندك غمازة صغننة على خدك الشمال .
رفع حاجبه بضحكة ثم إلتفت إلى مرآة معلقة بزاوية ما بالغرفة إبتسم ليلاحظ حقا أن لديه غمازة على خده الأيسر .. وضع كفه على رأسهوعض على شفته السفلى هامسا
_ مش مصدق ان
متابعة القراءة