خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

كان منه غير أن يربت على يدها ويشملها بنظرات محفزة تفيض بالاهتمام استقبلتها هي ببسمة هادئة ودون أي لحظة تفكير أخرى كانت تقوم بالنقر مجددا وتحذف ذلك الحساب من هاتفها وهي تنوى أن تستمع لنصيحته ولا تهتم بما مضى فربما هو محق وهي ليست بذلك السوء ومن الممكن أن تحظى بالحب ولكن السؤال هو هل سيمنحها قلبه أم فقط ستحظى بذلك الأهتمام تحت مسمى أخر لا يمت بتاتا لتلك المشاعر التي أصبحت تكنها له 
برافو عليك

انا فخور بيك و بإرادتك
قالها هو لينتشلها من دوامة أفكارها التي نفضتها عنها الآن و ابتسمت بسمة صافية مفعمة بالتفاؤل قائلة
عارف نفسي في ايه...
لوهلة تعلقت بندقيتاه بها قبل أن يتساءل باهتمام كعادته
أيه
أجابته بحماس وببسمة مشرقة
نفسي تأكلني فول من على نفس العربية زي المرة اللي فاتت بصراحة وحشني اوي اعمل مركب زيك واغطسها في الطبق وياريت بقى لو معاها بصلتين يااااه والله جوعت على السيرة
لسة فاكرة...ده انا حسيت يومها من كتر أسئلتك إنك من كوكب تاني
هزت رأسها مستنكرة واجابته بتنهيدة عميقة
فعلا كنت مستغربة ولما أنت اتكلمت معايا وبقيت تجاوبني الصورة وضحت قدامي يعني مثلاالحاجات التافهة والبسيطة بالنسبالي اكتشفت انها كبيرة اوي وليها قيمة عند ناس تانية وعرفت إن كفاح الناس البسيطة دي وصبرهم هو قمة الرضا.
تهادت ضحكاته تدريجيا وهو يستمع لها وكم راقه انه استطاع أن يؤثر حديثه بها لتضيف هي بخجل وهي تلملم خصلاتها وتضعها خلف اذنها
أنت خلتني اشوف الدنيا من منظور تاني يا محمد أنا مش عارفة ازاي عرفت تأثر عليا كده بس كل اللي أعرفه إني اتعلقت بيك لدرجة إني بستنى كل يوم الصبح علشان بس اشوفك واتكلم معاك
تبا لقناعاته ولحدود منطقه فكيف الصمود أمام عفويتها وتلميحاتها المتكررة له حقا كان ضائع يتمنى لو يجد قشة يتشبث بها وتنقذه من الڠرق داخل بحر عينيها ولكن لم يجد سوى تلك المشاعر الطاغية التي ثقلت قلبه وجعلته يعافر كي لا يغرق بها.
فقد دام تشابك نظراتهم لعدة ثوان حالمة أرادت هي لو لم تنتهي ولكنه أحبطها و أزاح رأسه بعيد عنها يغمض عينه بقوة يحاول أن يسيطر على ارادة ذلك النابض فيبدو ان البراعم النامية بقلبه تفتحت وأينعت وأصبحت مزدهرة رغم محاولته الشتى لوأدها.
تنهدت هي بعمق وقاطعت مداهمة أفكاره قائلة كي تخفي حرجها
طيب انا جعانة هتوديني ولا لأ
اوما لها ببسمة باهتة لم تصل لعينه ثم انطلق بها ليلبي وهو يتيقن تماما أن ما كان يخشاه و يظنه يستحيل حدوثه قد تخطى حدود المنطق والعقل وحدث بالفعل.
أما عن صاحب البنيتان القاتمة فقد نال ما طمح وقد مر اسبوعين على عقد قرانه من الآخرى وها هو ينعم 
بكل الطرق الممكنة غارق حد النخاع في إرضاء ذلك الذكر بداخله مأخوذ بكل شيء ...فهي امرأة واثقة تعلم ماذا يريد دون أن يطلب
فبعد
يخربيتك هتجننيني
أطلقت هي ضحكة متغنجة
انت لسة شوفت حاجة يا سونة
اكتر من كده هتعملي ايه بس
هو انت زهقت يا سونة
نفى برأسه وقال مبررا وهو يمررالشقراء
ابدا بالعكس انا عمري ما حسيت إني عايش غير معاك بس يعني أنت أخدة تليفوني ومش عطيالي فرصة حتى أطمن على الولاد ولا الشغل
تأففت هي
يوووووه بقى الولاد مش لوحدهم وأمهم معاهم ما انت كتير بتسافر وتسيبهم ومفيش حاجة بتحصل والشغل في كذا حد يقدر يمشيه من غيرك وبعدين احنا في شهر العسل ومينفعش حاجة تاخدك مني
وبعدين انا مصدقت بقيت ليا يا سونة
أما عن صاحب القلب الثائر الذي خذلته تلك المتمردة فمنذ ذلك اليوم المشؤوم وهو يلتزم بوعده لها و يذيقها مر صنيعها يحتبسها بالغرفة و لم يسمح لها أن تطأ قدميها خارجها قط ورغم إلحاح والدته المستميت ليعفو عنها إلا أنه لم يقبل ولم يتهاون بتاتا حتى أنه منع والدته أن تتدخل بلأمر مرة أخرى وكأنه يود أن يمنحها هدنة مع ذاتها كي تفكر بكل ما اقترفته من خطايا وټندم عليها لا ينكر أن قلبه اللعېن يعلن عصيانه عليه كل ليلة وخاصة عندما يستمع لنحيبهامن خلف باب غرفتها ولكن كيف التهاون معها بعد كل ما اقترفته فغضبه منها مازال يطغي على كل شيء حتى ارادة قلبه.
فقد تناول صنية الطعام من والدته ككل يوم دون أن يعير نظراتها الراجية ولا الحاحها أي أهمية 
ثم توجه لغرفتها يدس المفتاح بالمكان المخصص له ويديره زافرا بقوة ما أن وطأت قدمه داخلها وهو يتوقع انه سيجدهاككل يوم عندما يأتي إليها بالطعام وتتصنع النوم ولكنه وجد فراشها يخلو منها لتنكمش معالم وجهه ويضع الطعام أعلى الطاولة بجانب طعام الصباح التي لم تمسسه ويلعن ذلك العند المستوطن بها وهو يبحث بناعستيه الثائرة عنها لفت نظره شرفة حجرتها المواربة ليخطو نحوها بخطى واسعة وما أن فتح بابها كاد قلبه يهوي بين قدميه عندما وجدها باهتة بملامح منطفأة فرت منها كافة ألوان الحياة وتجلس على سور شرفتها تدلي قدميها خارجها
و رغم الخۏف الذي تسلل لقلبه انه من الممكن أن يفقدها إلا انه يعلم انها تحاول تستعطفه وتستحوذ على اهتمامه ليس إلا
ولذلك لم يتخلى عن جموده معها و هدر بمكر وهو يستند على السور بكفوف يده ويشرد في نقطة وهمية بالفراغ 
معتقدش أنك بالغباء ده و بتفكري ټنتحري بس لو ده اللي وصلتيله بتفكيرك مش هعارضك بالعكس أنت كده هتوفري عليا كتير وتريحيني.
كونه يعلمها تمام المعرفة تعمد أن

يستفزها بحديثه ويشعرها أن ما تفعله لن يؤثر به فإن استشعرت هي عكس ذلك ستستغل الأمر لصالحها
وبالفعل كانت فطنته بمحلها حين رفعت عيناها الغائرة له وهمست بصوت مازال يحمل بطياته حفنة من التمرد وهي تتخلى عن جلستها وتقف في مواجهته
لأ متقلقش انا مش غبية ومش هخليكم ترتاحوا مني زي ما ارتحتوا من امي
رغم تلميحها المبطن الذي جعل التساؤلات تتقاذف برأسه إلا أنه أجل التفكير به وقد اعتلى جانب فمه هازئا من نجاح حيلته وقال بلامبالاة فاجأتها و وخزت قلبها
واحدة بسواد قلبك لازم تفكر كده بس على العموم افهميها زي ما أنت عايزة مبقتش تفرق.
أبتلعت غصة بحلقها وكادت ترد ولكنه سبقها بنبرة باردة خالية من أي دفء أصابت قلبها بالصقيع
الأكل عندك... وبراحتك لو عايزة متكليش أنا بس بخلص ضميري علشان لو حصلك حاجة محسش بذنبك
قالها وهو يخطوا خارج الشرفة دون أن ينظر لها نظرة واحدة تنم عن قلقه أو اهتمامه مما جعل عيناها تغيم و تنظر لآثره بنظرات غائرة يحتلها الحسره و تتساءل أين ذهب لين قلبه و تهاونه معها ألهذه الدرجة كانت أفعالها مخزية وجعلته يمحي تلك المشاعر التي كان يكنها لها!
هل مقتها لتلك الدرجة التي تجعله لا يطيق حتى النظر لها مهلا لم تهتم الآن! فمن المفترض أن تنقم عليه أكثر بعد أن عنفها وقسى عليها...مهلا ايضا لم تشعر بتشتت عظيم يحتل كافة كيانها ولم ذلك الفراغ الموحش ينخر أحشائها!
أيا ترى بسببه وبسبب حديثه السابق الموبخ لها هل من الممكن أن يكون محق وهي بذلك السوء الذي أصبح يراها به. حقا لا تعلم هي ضائعة مشتتة بين ألم قلبها وهواجس عقلها الذي يبرئ كل أفعالها ويقنعها أنها مبررة في سبيل انتقامها وعند وصولها لتلك الفكرة وجدت ذاتها تنخرط بنوبة بكاء مرير وهي تتيقن أنها لم ټؤذي أحد سوى نفسها.
أما هو فقد حاول اقناعها ان تعيد له هاتفه ولكنها رفضت ورغم أنه ود بشدة ان يطمئن على أطفاله إلا انها استطاعت بطريقتها أن تؤثر عليه وتقنعه انهم بخير وهاهو ينتظرها كي تتحضر ليصحبها لتناول العشاء فقد أشعل أحد واخذ ينفث دخانها بنفاذ صبر فقد تأخرت كثيرا وحقا سأم الأنتظار ولكنه لم يستطيع أن يعترض حتى لا يفسد يومه الحافل معها
ولكن حين خرجت له تدلى فكه وهو يراها ترتدي ذلك الثوب 
ايه ده انت هتخرجي كده 
أعتلى حاجبيها وقالت بثقة وهي تتطلع لهيئتها بالمرآة أمامه بكل ثقة 
اه يا سونة ماله كده!
هب واقفا وأجابها بحدة
ماله ايه وزفت ايه الفستان ضيق جدا ده لبستيه ازاي مستحيل اسيبك تنزلي كده روحي غيريه
زفرت حانقة واعترضت
بس هو عاجبني ومش هغيره وبعدين مالك يا سونة ما أنا كنت بلبس زيه قبل ما نتجوز وكنت بتتهبل عليا
تأفف بغيظ وبكثير من التناقض قال وهو يطفئ المشټعلة بكعب حذائه
الوضع اختلف دلوقتي أنت مراتي وشايلة اسمي.
قهقهت هي بصخب وإجابته دون حياد عن رأيها
بس أنا مش هغيره ومتهيئلي أنت اتجوزتني كده وقبلت تشيلني أسمك وانا برضو كده ومش هغير ستايلي ونمط حياتي علشان أفكار رجعية ملهاش قيمة
لم يروقه حديثها وهدر منفعل
منار مش بحب الاسلوب ده
حانت منها بسمة 
اهدى يا سونة متتعصبش وتبوظ مودي وبعدين أنا هبقى معاك ومفيش حد هيقدر يرفع عينه فيا علشان معايا أجمد راجل في الدنيا وكفاية اوي أنك مالي عيني.
هستناك في العربية ياريت متتأخرش يا سونةعلشان بتوحشني
قالتها وابتعدت عنه تسحب حقيبتها كي تسبقه دون أن تعطيه أي مجال للرد وكأنها تود أن تثبت لذاتها قبل منه أنها لن تخضع وتكون نسخة ثانية من تلك الغبية التي سخط عليها.
كانت حريصة على افتتانه بها بكل الطرق أثناء سهرتهم تتلاعب على اوتاره بكل حرفية وتعلقه بها أكثر بتلك الطريقة التي رغم فجوجها إلا أنها كانت تجدي نفع معه فقد تعمدت أن تجعله دائما تواق لها مستخدمة أحد حيلها الذكية التي تأكدت من تأثيرها حين بكلمات تصيبه بالجنون ...
فقد تصلب جسده ولذلك قرر في التو أن ينهي سهرته .
ليؤشر للنادل ويعطيه بطاقته الائتمانية كي يسدد ثمن فاتورة الطعام
وهو يخبره أن يتم الأمر بعجالة كونه لا يستطيع الأنتظار اكثر وبالفعل هرول النادل كي ينفذ طلبه ولكن عاد له بعد بضع دقائق قائلا
آسف يا فندم تقريبا البطاقة الإئتمانية بتاعة حضرتك مفهاش رصيد
تفوه بها بأسف بعدما كرر المحاولة لاكثر من مرة ليجعد حسن حاجبيه ويسأله بعدم استيعاب
نعممممممممم...أنت متأكد اكيد المشكلة عندك!
نفى النادل وهو يناوله البطاقة مرة آخرى قائلا
حضرتك تقدر تتأكد بنفسك
لتتسأل هي بتهكم وببسمة صفراء دون أن تعطي صډمته أي اهمية 
ازاي كده يا سونة معقول أنت بجلالة قدرك معكش رصيد
هب واقفا وأجابها
لأ... اكيد المشكلة من عندهم ياريت تسبقيني على العربية
أومأت له وغادرت بينما هو رفض عقله الاستيعاب و أصر أن يحاول بنفسه لعدة مرات ولكن دون جدوى
ليضيق بنيتاه القاتمة بعد أن

فطن للأمر الذي لم يتوقع أن يصدر منها حتى في أبعد أحلامه وتوحشت نظراته وهسس بنبرة متوعدة شديدة الڠضب
عملتيها يا رهف...
السادس عشر
التراكمات سم بطيء ېقتل أي علاقة بصمت. لا تختبروا قوة تحمل الآخر لا تعولوا على حبه
تم نسخ الرابط