خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

على مراته ويامن ما رضهوش الوضع
حانت منها بسمة ساخرة وقالت مستخفة 
وفيها ايه
تعجبت ثرياوقالت بتلقائية شديدة دون أن تفكر بتبعات حديثها 
ازاي بس يا بنتي ده خرب بيته بإيده ومفكرش في ولاده ولا في مشاعر مراته اللي طول عمرها سنداه و واقفة جنبه دي غلبانة و متستاهلش كده ابدا
دفاعها المستميت عن رهف ورؤيتها لها كضحېة كان بمثابة نزع فتيل لذلك البركان الخامل من الذكريات البائسة بداخلها فكيف تدعي المثالية الآن وهي ارتضت على أمها نفس المصير من قبل لذلك باغتتها متهكمة 
وأمي هي اللي كانت تستاهل مش كده يا مرات بابا
رغم تهكمها ولكن صدر سؤالها پقهر وبنبرة متخاذلة جعلت ثريا تنفي برأسها وتغيم عيناها قائلة بأسى 
أمك دي كانت ست الناس كلها وكانت تستاهل كل خير وربنا يعلم كنت بعزها أد أيه
يالك من سيدة عطوف ذو قلب حاني حقا إن لم أكن على يقين تام أنك سبب نكبت والدتي لكنت صدقت تلك البراءة التي تقطر من حديثك
ذلك ما كان يدور برأسها وهي تطالعها بعيون لائمة احزنت ثريا وجعلتها تتيقن أن تلك هي اللحظة المناسبة لتبوح لها.
بينما نادين لم تصمت واستأنفت بنبرة كارهة يحفها لوم مقيت نهش قلب ثريا 
وعلشان كده خطفتي جوزها وموتيها بحسرتها
دافعت ثريا عن ذاتها 
انا يا بنتي حرام عليك انت ظلماني
احتدت نبرة نادين وهي تفرغ ما بجعبتها 
محدش اتظلم غيري انا وامي يا مرات بابا ....امي كانت بسببك مش بتنام ودمعتها مكنتش بتنشف على خدها...أنت اللي كرهتيها في الدنيا لما عصيتي ابويا عليها وخلتيه كل يوم يتخانق معاها بسببك
فرت دمعات ثرياهاربة على وجنتها واستنكرت 
محصلش... مكنش بسببي ... في حاجات كتير أنت متعرفهاش يا بنتي
نفت نادين برأسها وقالت وهي تضع صنية الطعام اعلى الكومود و تحاول أن تنهض من الفراش 
مش عايزة أعرف ومعنديش استعداد اسمع منك حاجة وحتى لو سمعتك مش هصدقك
تمسكت ثريا بيدها تحاول أن تستعطفها قائلة 
علشان خاطري يا بنتي اسمعيني انا عمري ما كنت وحشة كده ربنا وحده اللي يعلم أمك كانت زي اختي ومن يوم ما عرفتها وانا واقفة جنبها وعمري ما أذتها ولا شافت مني حاجة وحشة...اسمعيني يا بنتي وانت حرة يا تصدقي يا لأ بس المهم إني أكون ريحت ضميري
حانت من نادين بسمة مټألمة لابعد حد فعن أي ضمير تتحدث هيوتعمدت أن تترك الفراش كي تبتعد وتوفر عليها عناء أن تحيك كڈبة واهية تقنعها

بها وتدافع بها عن ذاتها ولكن ثريا لم تيأس وقالت بصدق شديد 
انا كنت اقرب واحدة لأمك قبل ما ټموت مكنتش بترتاح لحد غيري... وعلشان كده انا أول حد عرف بخبر مرضها اللي كانت رافضة تقوله لحد حتى لأبوك وقتها
جعدت نادين حاجبيها المنمقين وقالت مستنكرة 
أنت بتقولي ايه امي مكنتش تعبانة
نفتثريا برأسها وتقدمت منها عدة خطوات تسحبها معها كي تجلسها بجوارها واستأنفت 
صدقيني يا بنتي انا مش هكدب عليك ...لتتنهد بعمق وهي تتذكر تلك الذكريات الحزينة التي كلما تذكرتها تشعر بلأسى على رفيقتها وتستأنف بعيون باكية 
امك كانت ست مفيش منها اتنين وكانت علاقتنا ببعض زي الأخوات كنا بنزورها وبتزورنا كان بينا ود زي الأهل بالظبط لغاية ما جه فترة عليها حالها اتقلب و مبقناش عارفين مالها وزنها كان بيقل وعلطول حزينة وسرحانة ده غير انها بقت منعزلة وحابسه نفسها في البيت ولما كنت اروح ازورها كانت تقعد ټعيط وتقولي انها حاسة بالذنب علشان مقصرة مع عادل و محملاه فوق طاقته وهو مستحملها...حالتها كانت مطمنش ابدا بس أنا فضلت وراها ومكنتش بسيبها لغاية ما في مرة كنت عندها وتعبت اوي ولقيتها بتاخد مسكنات وحبوب تانية كانت بتخبيها من عادل ولما اصريت عليها وحلفتها إني مش هفتح بوقي قالتلي أن عندها المړض الخبيث وفي مرحلة متأخرة وإن الحبوب دي هي اللي بتخليها تعرف تتحمل الۏجع وتتعايش معاكم من غير ما تتحسسكم أنها تعبانة ...وقتها حاولت اقنعها تتعالج بس هي كانت رافضة وبتقول انها أضعف بكتير انها تخوض مراحل العلاج على الفاضي.
نفت نادين برأسها پجنون وصړخت قائلة وهي توجه لها أصابع الاتهام 
كدب... كدب أنت بتقولي كده علشان تبرأي نفسك ...أمي مكنتش تعبانة
هزت ثريا رأسها وأخذت تربت على خصلاتها القصيرة بحنو شديد مسترسلة بلا يأس كي تقنعها 
ميهمنيش أبرء نفسي في عينك أد ما يهمني أنك تعرفي الحقيقة. أمك كانت بتحبك وكنت أنت نقطة ضعفهاوكانت دايما تبرر أن معندهاش استعداد تقضي الباقي من عمرها في المستشفيات ومع العينين كانت شايفة أن وجودها جنبك بالدنيا كلها وكأنها كانت عايزة تشبع منك قبل ما ربنا ياخد أمنته
نفت برأسها من جديد وهي في حالة صدمة عارمة تحاول أن تستوعب تبعاتها بعيون تغرغر الدمع بهم وبقلب ممزق ينعي فراقها.
لتستأنف ثريا وهي تتناول كفوف يدها وكأنها تدعمها وتأذرها 
حالتها النفسية كانت بتسوء يوم عن يوم وفي الوقت ده ابوك كان هيتجنن ويعرف فيها أيه وكان دايما بيلتمسلها الأعذار بس هي كانت مصممة أن مفيش حد يعرف علشان ميتهمهاش بالجبن والضعف انها رافضة العلاج.
وفي مرة كنت بزورها طلبت مني... صمتت لبرهة تتطلع لملامح نادين المستنكرة تتوجس خيفة من مدى استيعابها للأمر ولكن الأخرى أخبرتها بنبرة مخټنقة متحشرجة على حافة البكاء 
كملي طلبت منك أيه
أجابتها ثريا بتلعثم بعض الشيء 
اني اتجوز أبوك واربيك.
نزعت يدها من بين راحتها پعنف وانتفضت من جلستها وهي تنفي بسبابتها مستنكرة الأمر بكامل صوتها 
لا لا لا لا لا لا لا مستحيل أصدق انت بتكدبي عليا صح ...كل ده من نسج خيالك أمي اكيد مكنتش بالسذاجة دي
أنت كدابة وانا مستحيل أصدقك
تنهدت ثريا بعمق وقالت بنبرة حزينة بائسة 
الله يسمحك يا بنتي ...بس ربنا يعلم إني مكدبتش عليك ولا عمري قصرت معاك أنا رعيت ضميري وحافظت على امانة أمك ليومنا ده ومفيش يوم فرقت فيه بينك وبين ابني
لا تعلم لم استشعرت الصدق من حديثها و وجدت ذاتها تود أن تعرف المزيد ولذلك قالت بنبرة مخټنقة مغلفة بأنين قلبها 
كملي
هزت ثريا رأسها واستأنفت 
انا عارضتها موافقتش وحتى ابوك رفض وقتها وكان هيتجنن لما اضطرت تقوله وحلفته ميجبلكيش سيرة عن مرضها كانت فاكرة أنها لم قالتله هتخليه يقبل بس هو رفض وكان علطول بيحاول يأثر عليها انها تتعالج بس هي خيرتنا يأما نتجوز انا وهو يأما مش هتتعالج ... وقتها كنا عملنا كل حاجة علشان ترجع في كلامها بس هي كانت دماغها ناشفة ومكنش قدامنا غير نوافق علشان بس نريحها وتقبل تتعالج
لتفر دمعة من عين ثريا وتستأنف پألم 
لكن هي مكنتش أد كلمتها ومقدرتش تتغلب على خۏفها وده كان خلاف دايم بينها وبين ابوك 
لغاية ما في يوم جالي وقالي أنه اټخانق خناقة كبيرة معاها بسبب رفضها وأن يأس من اقناعها واضطر انه يتهمها بالأنانية ويهددها انه هيقولك علشان يأثر عليها مجاش في باله ابدا أنه هيخسرها بعدها.
مهلا الآن ترابطت خيوط الحقيقة مع بعضها فما قصته هي لتوها هو ذاته ما استمعت له بتلك الليلة المشؤومة التي لا تنساها مهما حيت فكانت تستمع لها بأنفاس متعالية وبعيون دامية يهطل منها دمعات حاړقة مټألمة تنعي بها سنين عمرها التي اضنتها وهي تسعى لأنتقام واهي ليس له أي أساس من الصحة أيعقل!
لا محال أن تستوعب كم الحقائق تلك دفعة

واحدة فحقا قد تلفت اعصابها على الأخير ولم يعد باستطاعتها غير البكاء لتقترب ثريا منها كي تواسيها وتشاركها بؤسها إياها بقوة لدفء ودمعاتها تنسل تضامنا معها فما كان من نادين غير أن تتشبث بها و 
يتعالى على أثر ذلك الحاني نحيبها الحارق التي كانت تكتم صرخاته وشهقاته المتقطعة بصدرها وكأنها تنعي بتلك الطريقة كل شيء حتى نفسها.
كانت تقف مفطورة من البكاء أمام غرفة العمليات لا تستوعب ما آل له حال رفيقتها فجارهم الطبيب اتى بها إلى المشفى التي يعمل بها وقام بإسعافها بنفسه. تأهبت عندما وجدت بابها يفتح ويظهر الطبيب لتهرول له متسائلة 
طمني عليها الله يخليك
تنهد وأخبرها بملامح آسفة 
هتبقى كويسة بس للأسف البيبي نزل ربنا يعوض عليها
شهقت سعاد وزاد بكائها بينما هو واساها قائلا 
قدر الله وما شاء فعل المهم انها بخير ولسه العمر أدامها
أومأت سعاد وشكرته من بين دمعاتها 
ونعم بالله ...انا متشكرة اوي يا لمساعدتك مش عارفة من غيرك كنت عملت أيه 
أجابها برحابة 
انا معملتش حاجة غير الواجب
حمد الله على سلامتها تقدري تدخليلها بعد ما ينقلوها أوضة عادية ولو احتجتوا حاجة انا موجود وهتلاقيني في مكتبي
اومأت له بامتنان وتساءلت وهي تكفكف دمعاتها 
بس انا متشرفتش بأسمك
أبتسم بسمة عابرة وعرف عن ذاته وهو يعدل من وضع نظارته الطبية 
أنا دكتور نضال توفيق
اهلا بحضرتك انا سعاد العشري
هز رأسه بمجاملة وببسمة عملية غادر ليباشر عمله تاركها تحاول أن تتمالك اعصابها كي تهون على رهف وتواسيها في خسارتها
بعد مرور ساعات الصباح الأولى التي قضتهم صاحبة الفيروزتان في جلسة علاج مع طبيبها النفسي الذي كان يسعى جاهدا أن يحفزها على الصمود ويساعدها كي تغير مسار أفكارها وأولوياتها.
فكانت تشعر براحة عارمة في كل مرة عن ما قبلها. حتى انها تعودت أن تذهب دون أبيها وقررت أن تعتمد على ذاتها فقرار التغير نابع من ذاتها ولابد أن تتحمل تبعاته وحدها
أما هو فكان ينتظرها بلا كلل أسفل بناية الطبيب وعندما أتت لموضع السيارة وصعدت بجانبه تساءل بنبرة مهتمة 
إيه الأخبار طمنيني
هزت رأسها ببسمة واسعة وأخبرته وهي تجلس بزاوية المقعد بمواجهته 
كله تمام ...مقدرش اقولك ببقى مرتاحة أد ايه بعد ما باجي هنا وبيبقى عندي طاقة إيجابية تكفي العالم كله
بادلها بسمتها وعقب بتحفيز 
طب ياريت بقى نوفر الطاقة الإيجابية الجميلة دي للمذاكرة علشان خلاص الأمتحانات على الأبواب
أجابته هي بنبرة مفعمة بلأمل 
انا فاتني كتير بصراحة بس هحاول أعوض الأيام اللي جاية
اومأ لها وإن كاد يشعل موقد السيارة تساءلت بريبة 
هتوديني فين
رفع منكبيه وقال بإعتيادية 
هروحك...
نفت برأسها وأخبرته وهي تلملم خصلاتها خلف أذنها بخجل 
مش عايزة أروح...
لتتلجم لهنيهة تحت وطأة نظراته المتأهبة لباقي حديثها وتستأنف بعدها 
انا عايزة اروح معاك البيت
صدم من مطلبها وخيل له أنها تمزح ليس أكثر فمن المؤكد أنها ليست بتلك الوقاحة كي تقصد ما وصله ولذلك تدخل عقله و هدر قائلا بكامل صوته الأجش وبحدة أجفلتها 
بيت مين...أنت أكيد بتهرجي صح ...هو عادي كده تروحي مع أي حد بيته فوقي الله يخليك وقولي كلام منطقي انت بنت ناس وميصحش
شهقت بتفاجئ من ما استشفه بالخطأ من مطلبها وهدرت بغيظ شديد تدافع عن ذاتها وهي ترفع سبابتها بوجهه 
انت بتقول إيه ... يظهر أنك أنت اللي اټجننت انا مكنش قصدي اللي وصلك كل الحكاية أن طمطم وحشتني وكنت عايزة أشوفها واقعد معاها و اتعرف
تم نسخ الرابط