خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

بعدما دلفت لتوها من باب الشقة ليغلق عيناه بقوة يعتصرها ثم يمسح على وجهه قائلا بعقلانية
قولتلها اللي مفروض كان يتقال يا شهد
عاتبته شهد قائلة
بس البنت شكلها بتحبك بجد ليه تعمل كده كنت عطيت نفسك فرصة وحاولت علشانها
نفى

برأسه وقال ببسمة يائسة منعدمة الأمل تعلو ثغره
فرصة ايه اللي بتتكلمي عنها يا شهد بصي حواليك وانت تعرفي أن أي فرصة ليا معاها معډومة أنت متعرفيش ابوها مين ولا ساكنة في قصر شكله ايه مهما حاولت وكافحت عمري ما هوصل لربع المستوى اللي معيشها فيه
وبعدين أنت عارفاني وعارفة أني عمري ما كنت ندل ولا بلعب ببنات الناس 
يبقى على ايه هعلقها واعشمها بكلام مش هيقدم ولا هيأخر... كده أحسن ليا وليها يا شهد وبلاش تلومي عليا لومي على الظروف والحظ ولومي على الفقر
وساعتها هتعرفي أن الحب رفاهية متخلقتش للي زي
لم تقتنع شهد بحديثه وعارضته قائلة بمنطق يفوق واقعية منطقه
الحب ميعرفش فوارق يا محمد ولو هي بتحبك هتتمسك بيك و هتقصر عليك الطريق وأنا شايفة أنها بتحبك وده واضح زي الشمس من نظراتها وكلامها عنك وبعدين محدش ليه سلطة على قلبه أنت كمان بتحبها يا محمد متكابرش واعترف...
زادتها عليه وعرت الحقيقة الكامنة بداخله أمام نفسه حتى أنه أجابها بإندفاع دون ذرة تردد واحدة
ايوة بحبها بس ڠصب عني... أفهميني وبلاش تتحاملي عليا
تنهدت شهد بضيق وقالت معاتبة
أنا مش بتحامل عليك أنا عايزة أفوقك قبل ما تضيعها من ايدك
وتعيش العمر كله بذنبها و هتندم أنك محاولتش علشانها...اللي عملته ده هروب وانا متعودتش عليك جبان اخويا اللي زرع جوايا المبادئ والقيم متعودتش منه أنه يهرب من مشاكله طول عمره بطل في نظري وعارفة ومتأكدة انه مش هييأس وهيجاهد ويعافر علشان اللي بيحبها تكون ليه.
حاول أن يدافع عن ذاته من جديد قائلا بواقعية بحته
أنا مش جبان يا شهد بس الظروف اقوى مني
عارضته شهد من جديد
متحججش بالظروف ...الظروف أحنا اللي بنخلقها علشان نبرر ضعفنا ...انا لما اتجوزت فايق كان صنايعي ومش متعلم وانا كان معايا شهادة ومع ذلك لما اتقدملي أنت بنفسك قولتلي أن الفلوس مش كل حاجة وإن الأهم منها الأخلاق والأصل الطيب والحب
لتختم حديثها 
هون على نفسك يا خويا ومتكابرش محدش بيهرب من نصيبه وخلي عندك
عشم في ربنا وربك كريم ما بينساش حد وقادر يجبر بخاطرك
ونعم بالله يا شهد
لتتركه وتدلف لأحد الغرف بينما هو كان يزفر أنفاسه دفعة واحدة يحاول أن يستعيد رباط جأشه ويفكر مليا فقد تمكنت شقيقته من جعله ينظر للأمر من منظور أخر ربما سيغير كافة قناعته فيما بعد.
فهل ياترى سيكون الحب سلاح رادع لېحطم تلك الأسوار العالية أم سيسحق ويصبح ركام تحت انقاضها.
كانت تفر من كل شيء بالنوم وكأن ليس لديها المقدرة على تخطي الأمر وتبديد كل قناعتها بيوم وليلة.
رائحة عطره المميزة أنتشلتها من سباتها وجعلتها ترفرف بأهدابها لثوان قبل أن تستفيق بالكامل وهي تظن أنه يهيأ لها أنه يجلس على مقعده المعتاد وينظر لها ولكن أتى صوته ذات البحة المميزة ليؤكد لها
مش كفاية نوم! 
حانت منها بسمة غير مستوعبة وهي تتأمله من رقدتها فكم اشتاقت له و لكل شيء كان يفعله بالسابق وحرمها منه الآونة الأخيرة بفضل أفعالها التي حين تذكرتها الآن اندثرت بسمتها وقررت أن تفر هاربة بادعائها للنعاس
لأ مش كفاية وعايزة أنام...
كونه يعلمها عن ظهر قلب تفهم تهربها 
متعودتش عليك جبانة
همست بعيون مغلقة وبرأس مطرق ينم عن خزيها من نفسها
أنا مش جبانة بس حاسة إني ضايعة ومتلغبطة
تنهد تنهيدة مثقلة وأزرها بنبرة حانية لأبعد حد
أنا معاك... ومهما كنت متلغبطة وضايعة عايزك تعرفي إني هفضل جنبك وإني برة التوهة دي أنا نقطة ثابتة في ارضك
فرت دمعة من عيناها ولم تستطيع أن تجاري ذلك الإهتمام والحنو البالغ الذي رغم أنها بأمس الحاجة له إلا أنها أصبحت تشعر أنها لا تستحقه بسبب أفعالها
آسفة...والله آسفة...أنا مستحقش اهتمامكم ولا أي حاجة عملتوها علشاني أنا بعترف إني كنت غبية
زفر هو حانقا وكم شعر بغصة مؤلمة تحتل حلقه 
أنت فعلا غبية بس بطلي عياط أنت عارفة أن دموعك بتقتلني 
زاد نحيبها من تأكيده للأمر لدرجة أن بدل أن يجعلها تكف عن نحيبها تضامن معها وغامت عينه تأثرا بها 
أنا لازم أسافر اسكندرية النهاردة واحتمال أرجع بليل
خرجت من بين يديه واعترضت بهزة من رأسها ليبتسم هو ويكوب وجنتها مقترحا
أيه رأيك تيجي معايا... يعني بقول آن الآوان أنك تشوفي الشغل ماشي ازاي هناك وفرصة تغيري جو
هزت رأسها دليل على موافقتها بينما هو قال بإهتمام بالغ قبل أن ينهض
طيب تقلي هدومك علشان الجو هناك اسقع من هنا
فمازالت بقايا تلك القناعات تؤثر بها غافلة أن بعد سفرتها معه سوف تقتلع بيدها كافة هواجسها وقناعاتها البالية من جذورها.
وقف بملامح مشمئزة نافرة في زاوية ذلك

المكان الموحش ذات الرائحة العطنة التي امتزجت بأنفاس المساجين المجبولة برائحة العرق الكريه الذي يثير الغثيان وخاصة أن المكان لا يتمتع بتهوية جيدة سوى تلك الفتحة الصغيرة المغطاة بأسلاك حديدية تسمح بدخول القليل من الهواء فحقا كان الجو خانق لدرجة أنه كان يصعب عليه التنفس ورفض الصمود أكثر فقد طرق على ذلك الباب الحديدي الذي زج منه وصړخ مستنجدا
خرجوني من هنا أنا معملتش حاجة...بتخنق ومش عارف اتنفس...حد يفتحلي الباب ده ه ه ه ه ه الريحة مقرفة خرجوني من هنا ...
نهره أحد الأمناء من خلف الباب
اهدى يا مستجد وشوية وهتاخد على المكان كلها كام ساعة والنهار يطلع
نفى برأسه وهو يشعر انه قاب قوسين أو أدنى أن يفقد صوابه 
ليقترب أحد السجناء منه ويقول بنظرات إجرامية متفحصة
جرى ايه يا زمل ماتنشف كده ما كلنا في الهوا سوا... دي شكلها أول سابقة ليك وعلشان كده مستغرب المكان
زاغت نظرات حسن وأجابه بنبرة متقززة مستنفرة وهو يشعر أن الدوار لعين سيطر عليه و شعور الغثيان يكاد يفوق قوة احتماله
بقولك ايه يا بتاع أنت ابعد عن وشي انا قرفان و متنيل مش طايق نفسي ومش فايق اتكلم مع امثالك
نمت بسمة شيطانية على فم الآخر وهدر مستهزئا وهو يوجه حديثه لأتباعه
يظهر أن المستجد ملوش فيها يا رجالة ولازم نعمله تشريفة تليق بيه وتعرفه مين أمثالي
جعد حسن معالم وجهه وقال بإنفعال
تشريفة أيه اللي هيفكر بس يلمسني هوديه في داهية
قهقهوا الرجال من حوله وأخبره أحدهم
هو في داهية اكتر من اللي احنا فيها...
ليقول شخص أخر متوعدا
كل المستجدين لازم يتعلم عليهم علشان ميعرفوش يرفعوا عينهم في كبارتنا وبصراحة أنت اللي لعبت في عداد عمرك وتستاهلها
تراجع حسن عدة خطوات للوراء وهو يشعر بتعنية شديدة ولكن رغم ذلك كانت يحاول أن يتماسك ويتوجس خيفة من ردود أفعالهم وعندما ضاق الحصار وكادوا يتكالبون عليه تقلصت معدته وطردت كل ما بجوفه على الأرض مما جعلهم يسخرون منه وتتعالى اصوات ضحكاتهم أما هو فكان يشعر انه يحتضر فكان ينحني يتمسك بمعدته وكأنها حتى هي كانت تتآمر عليه وتدفعه أن يتقيأ روحه مع عصارتها.
فبأشارة من أحدهم كان يستغلون ما أصابه بدفعه بقوة جعلته يسقط طريح وسط ما نتج عنه فكان عاجز عن مواجهتهم حتى أو التصدي لهم نظرا لكثرة عددهم وكونه يشعر أنه ليس على ما يرام ابدا فكانت حالته مذرية للغاية أثارت غثيان كل من كانوا يشمئز هو منهم حتى أنهم ابتعدوا عنه وعن ما خلفه باصقين عليه وتاركينه يشعر بمهانة لا مثيل لها.
الواحد وعشرون
اتخذ من الفشل سلما للنجاح ومن الهزيمة طريقا الى النصر ومن المړض فرصة للعبادة ومن الفقر وسيلة الى الكفاح ومن الالام بابا الى الخلود ومن الظلم حافزا للتحرر ومن القيد باعثا على الانطلاق.
مصطفى السباعي
كان يدها طوال الطريق وأثناء قيادته للسيارة وكأنه يطمأنها بطريقته أنه لن يفلتها مهما حدث بينما هي كانت تسترق له النظرات كل حين وأخر وهي تشعر براحة عارمة فهو كما عاهدته يساندها دون طلب وكأنه يسكن احشائها وعلى دراية تامة برغباتها وأحتياجتها 
أكثر من نفسها.
فقد استغرق الطريق لهناك أكثر من ساعتين إلى أن وصلوا إلى ذلك الفرع الضخم الذي ينتمي لتلك المجموعة التي يديرها صف السيارة وترجل منها ببسمة هادئة وفتح الباب لها قائلا بحركة مسرحية اضحكتها
حمد الله على السلامة يا مغلباني نورتي مطعمك
تدلت من السيارة وهي تضم سترتها بأحكام على جسدها حين هبت تلك النسمات الباردة ثم قالت بإنبهار وهي تطالع المكان من الخارج
وااااو بجد المكان تحفة يا يامن أنت عدلت فيه...أزاي بقى حلو كده أنا بقالي سنين مجتش هنا
أومأ لها وأخبرها بزهو
أومال انت فاكرة يامن العشري بيلعب ده انا لسة هبهرك لما تشوفي المكان من جوه
أبتسمت بسمة واسعة وهو من جديد كف يدها ويسير بها للداخل فحقا كانت منبهرة بكل شيء فكان المكان ضخم للغاية ذات ثلاث طوابق لكل طابق ذوق خاص يشع بالرقي والفخامة
وأثناء مشاهدتها لساحة المكان رحب بهم أحد العاملين قائلا بحفاوة
أهلا يانادين هانم والله المكان نور بأصحابه
أومأت له نادين ببسمة مجاملة وهي تستغرب كيف علم هويتها وكانت ستمرر الأمر مرور الكرام وتبرر أن يامن هو من أخبره بقدومها ولكن تفاجأت أن كل العاملين يعلمون من هي مما أثار حفيظتها وجعلها تميل على أذنه متسائلة
هما عرفوا منين إني نادين الراوي صاحبة المكان
حانت منه بسمة حانية وأخبرها مشاكسا
وهل يخفى القمر
يامن بطل رخامة وجاوبني
حانت منه بسمة مشاكسة وأدعى عدم معرفته ودعاها بحماس
تعالي افرجك على بقية التعديلات
أومأت له وسارت معه بجولة سريعة وحين وصلت للطابق الثالث فغرت فاهها وجحظت عيناها مما رأت فكان محيط المكان مفعم بأضاءة هادئة تبعث الراحة للعين وتتزين الطاولات بالشموع وصوت موسيقى كلاسيكية ناعمة تنتشر بأجوائه مما جعل بسمتها تتسع شيء فشيء وهو يخبرها أن ذلك الطابق يطلق عليه العاملين طابق العشاق وقبل أن تعبر

عن مدى روعة المكان تجمدت نظراتها وتيبست قدماها وهي ترى صورة لها بعرض الحائط محاطة بأنوار خاڤتة تتركز عليها بطريقة رائعة ټخطف الأنظار 
أخذ الأمر ثوان عدة تستوعب ثم همست بشدوه تام
يامن ده أنا...
تنهد هو تنهيدة مسهدة وأجابها وهو يشدد على يدها ويشملها بدفء عيناه
اه أنت يا مغلباني كنت لما باجي هنا بتوحشيني وبفضل أعد الثوان علشان أرجعلك وصورتك كانت بتصبرني وتهون الوقت عليا لغاية ما أرجع واطمن قلبي بقربك
غامت عيناها تأثرا به بحديثه فكم لامت ذاتها على تجاهلها لتلك المشاعر الصادقة التي تفوح من افعاله وقد كانت بكل جبروت منها تتجاهلها بل وتتخذ منها نقطة لضعفه انتشلها هو من دوامة أفكارها حين حضر رجل في العقد السادس من عمره ويدعى حلمي وهو من ينوب بإدارة المكان في
تم نسخ الرابط