خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

غياب يامن
أهلا يا يامن بيه المطعم نور بس أنا عاتب على حضرتك ليه مبلغتناش أن نادين هانم هتشرفنا كنا فرشنا الأرض ورد
ابتسمت هي بمجاملة بينما يامن هدر بجدية
معلش تتعوض يا حلمي وكويس أنك جيت عايزك تقعد مع نادين وتفهمها الشغل ماشي إزاي وخلي بالك هي مش هدلعكم زي و كلها ايام وهتبقى مكاني.
بهتت ملامحها لثوان قبل أن يقول حلمي
تحت أمرك يا يامن بيه بس والله هتقطع بينا واتعودنا عليك
أبتسم يامن وأجابه بمشاكسة
والله وأنا ما هصدق أرتاح منكم ومن مشاكلكم اللي مبتخلصش...
قهقه حلمي بينما استأنف يامن
الحق لازم يرجع لصحابه هما أولآ بيه
أيده حلمي
عند حضرتك حق بس اوعدنا كل ما تنزل اسكندرية تزورنا
أومأ له يامن واكد قائلا
أكيد يا راجل يا طيب
طيب تأمرني بحاجة تانية
اه بلغهم في المطبخ يجهزولنا غدا وبعد كده عايزك تجبلي ملفات التوريدات أراجعها وياريت لو تبعتلي المحاسب على المكتب
أومأ له بطاعة بينما هي ما أن غادر همست بترقب
هو انت بتتكلم ليه كده كأنك هتسبني لوحدي
نفى برأسه وأجابها بثقة وهو يسير بها لأحد الطاولات القريبة
وقت ما تحتاجيني هتلاقيني وبعدين متقلقيش الحج حلمي مش هيسيب صغيرة أو كبيرة غير وهيفهمهالك بس الأول ناكل علشان نعرف نشتغل
نفخت أوداجها وهي تجلس على أحد المقاعد فليس ذلك مغزاها من السؤال فكانت تريده أن يخبرها أنه سيظل معها حينها ولكنه لم يتطرق قط لذلك مما جعلها تصاب بحالة من الذعر المستتر رفضت أن تعبر عنه.
حتى أنها ظلت ملازمة الصمت أثناء تناولهم للطعام أما هو فلم يحاول أن يفرض عليه حصار الحديث بل كان كل ما يفعله أنه يدس بفمها ويضع بطبقها كل ما تطوله يده بحنو شديد واهتمام فائق.
وبعد الكثير من الوقت الذي مر عليها كانت تشعر 
بالضجر الشديد حين استفاض مساعده وأخذ يشرح حيثيات العمل وحقا لم تستوعب حرف واحد مما حاول أن يوصله لها فكان عقلها وحتى نظراتها منشغلة بذلك المنكب على تلك الملفات على بعد خطوات قليلة منها وكم حمدت ربها أن الآخر أنتهى بعد أن صرع رأسها وغادر المكتب لتظل هي ثابتة على تلك الأريكة التي بزاوية بعيدة بمكتبه تراقب معالم وجهه الصارمة والجدية لحد كبير اثناء مناقشتة مع العاملين بسير العمل وإعطائهم أوامر قاطعة بتنفيذها وكم لامت ذاتها سابقا حين اتهمته بسوء إدارته وقللت من شأنه لم تمر دقائق وأنشغل مرة آخربمراجعة الأمور المالية مع المحاسب المسؤول عن ذلك فكان يعمل دون كلل وبمثابرة غريبة جعلتها لا تستطيع أن تزيح بعيناها عنه ولكن هو لم ينتبه لها بل كان يصب كافة تركيزه على ما يفعله.
انصرف المحاسب من المكتب بعد وقت ليس بقليل ابدا أشعرها بالملل بينما هو رفع رأسه وأخذ يدلك عنقه بأرهاق بين واصبح جلي على وجهه مما جعلها تنهض 
أنت بتتعب اوي مكنتش فاكرة الشغل صعب كده وبعدين ده شغل فرع واحد أومال بتعمل أيه في الفروع التانية وازاي عارف توفق بينهم كده
ولا يهمك كله يهون علشانك يا مغلباني
تأملته بنظرات نادمة تشعر بالخزي من ذاتها و ټلعن تشكيكها به كونه يطمع بها وينسب أملاكها له كما كانت تعتقد ولكن قد حدثها مساعده عن مثابرته التي رأتها بأم عيناها لتوها وعن كونه يبذل مجهود خرافي كي يصبح ذلك الصرح بهذا الشكل الرائع والمشرف وكم وبخت ذاتها حين ادركت أنه رغم مجهوده إلا أنه لم ينسب شيء لذاته بل أخبر كل العاملين أنه ليس المالك الأصلي بل أنه يديره فقط والأغرب أن جميعا يعلمون كونها هي مالكته.
سرحتي في أيه
أنتشلتها جملته من شرودها مما جعلها تحاول نفض تلك الأفكار التي تؤلمها وتشعرها بالخزي من نفسها ثم أبتسمت بسمة باهتة لم تصل لعيناها وطلبت أول شيء جاء بخاطرها
أنا عايزة أروح أشوف البحر
أومأ لها ببسمة دافئة و وعدها بذلك قبل عودتهم 
أما عن صاحبة الفيروزتان فقد ظلت ملازمة غرفتها وقد قررت أن تعود

لعزلتها من دونه فكانت تشعر بحزن لا مثيل له تبكي تارة وتارة أخرى تنعي حظ قلبها فقد خذلها أكثر شخص لم تتوقع منه ذلك وكيف تفعلها وهو مالك قلبها صاحب المواقف الرجولية الحاسمة التي شكلتها من جديد وأصلحت فسادها فحقا لا تستوعب إلى الأن كونه تخلى عنها بتلك السهولة وصرح بطريقة غير مباشرة انه لا يكن لها المشاعر فماذا عن نظراته الحانية التي كانت تفيض بلأهتمام وماذا عن مؤازرته لها في أشد أوقاتها وماذا عن أفعاله ونصحه واحتواءه وتحفيزه ومشاكسته الحثيثة لها 
حقا تشعر أنها على حافة الجنون من تناقضه وكم حاولت أن تجد تفسير لكل ذلك ولكن دون جدوى فكان صراع محتد يقام برأسها ولا تستطيع ردعه حين تعالى رنين هاتفها بنغمة تخصصها لرقمه وعندها كفكفت دمعاتها وهرولت بلهفة عارمة تتناول هاتفها وهمست بصوت مازال يحمل أثار البكاء
محمد...
أتاه الرد من الطرف الأخر مخالف لكل توقعاتها
أنا شهد يا ميرال أنا خليت طمطم تاخد منه التلفون بحجة اللعب علشان أكلمك وبصراحة أنا عندي علم باللي حصل بينكم 
أفتكرتك هو
هو حالته صعبة يا ميرال من ساعة ما مشيتي وهو قافل على نفسه ومش عايز يتكلم
هو ليه بيعمل فيا كده يا شهد أنا بحبه والله بحبه ومش هعرف اعيش من غيره
هقولك بس عايزاك توعديني بحاجة الأول... 
كانت تشعر بالتشتت والضياع في آن واحد فكيف لتلك القناعات والهواجس التي عششت بداخلها لسنوات أن تندثر بيوم وليلة وتدرك كونها جميعها بالية حقا الأمر يصعب عليها تصديقه او استيعابه دفعة واحدة فمن ناحية والدته التي لم تخدع ابيها كما اعتقدت وتزوجته برغبة من والدتها ومن جانب أخر علمها بمرض والدتها واستسلامها وكون كافة الخلافات التي كانت تدور بينها وبين أبيها جميعها كانت لأجل أن تخضع للعلاج وليس كما اعتقدت هي أما هو فقد أدركت كونها كانت تتحامل عليه هباء وتتجاهل مشاعره وعطائه ولا تقدر احتوائه لها في سبيل ذلك الأنتقام اللعېن الذي لامحل له من الصحة وكم لعنت ذاتها على غبائها فاليوم اقتلع كافة قناعاتها وأثبت لها دون قصد أنه لن يطمع بها ولا بأموالها بل أن أملاكها عبء ثقيل على كاهله.
كان ذلك ما يدور برأسها وهي تجلس بجواره تتأمل على مداد بصرها مياه البحر الهائجة التي تشابه ثورة دواخلها بينما هو كعادته احترم صمتها واراد أن يعطيها مساحتها الخاصة ولا يتطفل عليها فقط كان يجاورها يستمتع بتلك اللفحات الباردة التي تثلج قلبه المولع بها رغم كل شيء فنعم اندثر غضبه وحاول أن يتناسى كل ما مر به معها سابقا فوالدته أخبرته بدوافعها ورغم أنه كان يود أن يعاتبها بشأنها ولكنه فضل أن تبادر هي عندما تكون مستعدة لذلك وبالفعل توقعه كان بمحله حين همست هي
كنت عارف أن أمي هي اللي طلبت من مامتك تتجوز أبويا
تناول نفس عميق وأجابها
اه كنت عارف
لتعاتبه هي
وليه مقولتليش...
نظر لها وقال بنبرة رغم ثباتها ولكنها استشفت بها عتاب خفي
علشان عمري ما جه في بالي أن تفكيرك يوصل بيك لكده ولا كنت اتخيل انك تظني في أمي ظن سوء رغم كل اللي عملته علشانك
زاغت نظراتها ونكست رأسها وبررت وهي تشعر بالخزي من ذاتها
بس أنا مكنتش أعرف بمرض أمي ومكنتش اعرف بالتفاصيل دي كلها
لتغمض عيناها بقوة وتوضح دوافعها قائلة
أنا كل حاجة كانت مفروضة عليا وأولهم فراق أمي وسكوت ابويا حتى أنت كنت مفروض عليا علشان كده کرهت حياتي ونقمت عليها واتمردت عليكم 
لتتنهد بتثاقل وتضيف سبب خزيها مسبوق بدمعاتها
بس طلعت غبية وظلمتكم و عارفة انكم کرهتوني وعمركم ما هتسامحوني ابدا 
كانت تتحدث ومع كل كلمة دمعة حاړقة تهطل من عيناها وهي حقا ټلعن غباءها وټندم على كل افعالها المخزية بينما هو وقف مواجه لجلستها وكوب وجهها قائلا بنبرة حنونة متفهمة لأبعد حد
ششششش اهدي دموعك بتقتلني يا نادين...انسي وارمي اللي فات ورا ظهرك وافتحي صفحة جديدة مع نفسك وإذا كان على أمي هي بتحبك ومش زعلانة منك ومهما عملتي مش هتكرهك علشان محدش بيكره ولاده.
وأنت
اللي يحب ميعرفش يكره ومبيعرفش غير يسامح وقولتلك قبل كده أنت الروح لروحي يانادين و وجودك هو دليل حياتي
حانت منها بسمة مټألمة من بين دمعاتها وهي تشعر أن ذلك الحب الذي يفيض من عينه و يشع من حديثه هي ليست جديرة به ولا تستحقه بالمرة فيكفي أنها تذكرت ذلك اللعېن طارق وما أقدمت عليه في سبيل انتقامها وهواجسها الواهية لذلك همست بخزي من ذاتها وبنبرة مرتعشة واهنة يحفها الندم
بس انا مستهلش حبك...
انا مستهلش حاجة ابدا...يارتني مۏت مع أمي ولا كنت عملت كده فيك وفيا
بعد الشړ عليك إياك أسمعك تقولي كده تاني
نكست نظراتها ولم تستطيع مواجهته ولكنه باغتها صارما وهو يثبت رأسها لأعلى كي يرى عيناها بوضوح
بصيلي...وبطلي عياط أنت قوية وعمري ما هسمحلك تضعفي وانا جنبك...أنت مش وحشة ومش

معنى أنك غلطتي تبقي متستهليش كلنا بنغلط ومحدش معصوم من الغلط وكلنا نستاهل فرصة تانية...أنا كمان غلطت و عايزك تسامحيني كنت غبي عمري ما حاولت اعرف سبب نفورك مني وكرهك لأمي وكان كل اللي شاغلني ازاي اكبح تمردك واقف قصاد عنادك ومجاش في بالي ان ممكن يكون ليك دوافع وكل اللي بتعمليه ليه سبب... أنا بجد آسف لو اتعمدت اخوفك واهددك بس صدقيني كان غرضي أخليك تتمسك بوجودي جنبك وتحسسيني إني الوحيد القادر على حمايتكوآسف كمان علشان خليتك تخافي مني
اندثر نحيبها وظلت تطالعه بنظرات مغلفة بالحب وصافية لا تحمل أي ضغينة لأسبابه التي عددها ليستأنف هو حديثه بنبرة واهنة مټألمة تنم عن أن ما سيصرح به أكثر شيء لا يتمنى حدوثه
بس اوعدك عمري ما هكرر أخطائي تاني ولا هفرض نفسي عليك والقرار لسة بإيدك وأنا عارف أنك تقدري تتخطيني وتبدئي من جديد
أنت فعلا غبي ...علشان مقدرتش تفهم إني كنت بعاند نفسي وبكابر علشان مستسلمش لحبك أنت كنت السبب في الحړب اللي كل يوم تقوم جوايا بين عقلي اللي رافض سيطرتك وسلطتك عليا وبيدور على أي طريقة يتمرد بيها عليك وبين قلبي اللي عصاني و حبك
كان يستمع لها بملامح مشدوهة غير مستوعب كونها تكن له المشاعر وتعترف الآن بكل طواعية بحبه فكان الأمر يصعب عليه استيعابه لذلك تساءل بترقب
قولتي أيه
أجابته بصدق وبنبرة حالمة مغلفة بالمشاعر وهي تمرغ وجهها بكف يده كالقطط بوداعة
لو كان الزمن رجع بيا تاني كنت هختارك أنت ....أنا بحبك يا يامن بحبك
دمعت عيناه وكاد يظن انه يهيأ له ولكن نظراتها الصادقة التي تفيض بالحب جعلته يتيقن من كون الأمر ليس من نسج خياله فكان يشعر انه لامس السماء من
تم نسخ الرابط