خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

شدة سعادته حتى أن قلبه كان يرفرف بين أضلعه كالطير الذي أطلقوا سراحه احتفالا بسلام موطنه.
ياااااااه أخيرا أنا مش مصدق يا قلب يامن قوليها تاني وتالت ورابع عايز اسمعها...أنا عايز الدنيا كلها تسمعها معايا
أبتسمت هي تلك البسمة الآسرة التي طالما أوقعته بها وقالت عندما توقف عن دورانه دون أن يجعل قدميها تلمس الأرض 
بحبك يا مچنون
قلبي هيقف ياعاااااااالم قالت بتحبني...نادين بنت الراوي اعترفت وقالت بتحبني...بتحبني أناااااااا
كان يتحدث پجنون وبنبرة هستيرية وكأنه فقد صوابه من شدة سعادته فقد نال لتوه تلك الكلمة التي ستحرر قلبه الأسير وتجعله يطلق العنان لتلك المشاعر الجامحة التي كان يكبح الكثير منها كي لا يتحايل على مشاعرها بينما هي تشبثت به وهي تشعر بشعور رائع لا يضاهيه شيء قط 
فكانت لحظات حالمة مفعمة بالرومانسية جعلتهم يهيمون بها متناسين كل شيء غير عابئين بتجمهر المارة حولهم و تعالي الهمهمات بينهم ولكن عندما لاحظت هي همست وهي تخفي وجهها بعنقه
ڤضحتنا يا مچنون
بلاش سوء نية يا جماعة والنعمة مراتي...محدش يفهمني غلط
تعالت ضحكات كل من كان يحيط بهم فمنهم من تمنى لهم صلاح الحال ومنهم من أخذ يتمنى لهم السعادة الدائمة ومنهم من كان يصور ما حدث تخليدا لذلك المشهد الفريد.
وكأنه أراد أن يكلل تلك اللحظة الحالمة لتطبع بذاكرتهم للأبد قبل أن يصحبها ويغادر المكان بينما هي كانت تحمد الله كونه منحها فرصة أخرى كي تبدأ من جديد وأزال تلك الغشاوة عن عيناها فتقسم أنها لن تستسلم لشيطانها مرة أخرى فقد أدركت أخيرا أن خطيئتها لم تكن بريئة ولم تكن مبررة كما كانت تعتقد بل كانت أثمة ويتوجب عليها أن تتوب عنها وتطلب الغفران من ربها قبل أن تودي بها وتجعلها تخسر أكثر شخص يعني لها و لا تتمنى خسارته.
أما عن ذلك الساخط صاحب الحالة المذرية فقد مر عليه الليل بصعوبة بالغة لدرجة أنه كان يشعر أن حتى الوقت يتأمر عليه ويرفض أن يمر ولكن حين اتى الصباح ومر عليه أربع وعشرون ساعة كاملة حمد ربه كونه سيرى النور مرة أخرى وقبل ترحيله إلى النيابة كي يتم التحقيق معه استغل تلك المكالمة التي يمنحها روح القانون للمحتجزين وهاتف يامن كي ينجده ويجلب أحد ينوب بالدفاع عنه ولكن لم يتمكن من التواصل معه لذلك اضطر أن يهاتف منار ويخبرها بما حدث ويطلب منها أن تبعث له محامي كي يؤازره ويلحق به لسرايا النيابة وبالفعل بعد يوم طويل بين تحقيقات وإجراءات روتينية استنفذت طاقته بالكامل تم إخلاء سبيله بضمان محل إقامته لحين النظر بالقضية التي حدد لها جلسة بعد شهر من تاريخه.
فقد عاد لمنزله بملامح منهكة يجر أذيال الخيبة خلفه حين استقبلته منار حانقة
ممكن أعرف انت ازاي تخبي عليا حاجة زي دي
لم يجيبها بل كان يطالعها بعيون غائرة متخاذلة يستغرب كيف تناست أن تتسأل عن حاله أولا قبل ان تغدقه بتلك الأسئلة المقيتة خاصتها لذلك همس بعتاب وبنبرة لائمة
طيب مش تطمني عليا الأول يا منار 
قلبت عيناها

و تأففت قائلة باستخفاف وبلا مبالاة ذكرته بمواقف مشابهة
افففف هيكون حصلك إيه يعني!
. ولم تكلف ذاتها حتى أن تتصنع الأهتمام من أجله لذلك تحرك بخطوات وئيدة متخاذلة وقال بصوت منهك وهو يتخطاها للداخل يقصد المرحاض
اعمليلي حاجة تريح معدتي وياريت تحلي عن دماغي وتخليك بعيدة عني انا أصلا مش فايقلك
دبت هي الأرض بغيظ وغمغمت ما أن أغلق باب المرحاض
ماشي يا سونة بتتشطر عليا أنا... كنت اتشطر على المسهوكة السهونة بتاعتك اللي رمتك في الحبس.
عاد بها بعد ليلة حالمة لم يكن في ابعد خيالاته أن تكون بتلك الروعة وأن يحظى بتلك الكلمة التي أحيته بها فقد أطفئ المقود ونظر لها وهي غافية بجانبه بنظرات متمعنة عاشقة ثم همس ببحة صوته المميزة وهو يزيح بأنامله خصلاتها التي تدلى على وجهها
نادين وصلنا حمد الله على السلامة
رفرفت بأهدابها حين وصلها همسه وردت بنبرة ناعمة تحمل أثر النوم
الله يسلمك يا يامن 
حانت منه بسمة ماكرة وتساءل بمشاكسه وبعيون مسبلة
يامن حاف كده
قصدك إيه مش فاهمة
يعني مفيش حبيبي روحي قلبيعشقي أي حاجة من الحاجات اللي كنت بسمع عنها دي وھموت واجربها
نكست رأسها بخجل وضحكت تلك الضحكة التي استعادت رونقها من جديد وأصبحت أكثر فتنة من ذي قبل وهمست
أنت اكتر من كل دول ومفيش كلمة هتديك حقك 
تهللت اساريره بشدة و هتف بخفة أضحكتها
ياريتك ما نطقتي قلبي حاسس بيه هيقف حتى شوفي...
سحب كف يدها ووضعه موضع خافقه لتشعر هي بصخبه تحت يدها وتقول
بعد الشړ عليك يا حبيبي
باغتها مشاكسا وهو يشدد على كف يدها 
حبيبي ...يالهوي عليا وعلى اليوم اللي مش هيخلص غير وهو جايب أجلي 
سحبت يدها وهدرت بخجل وهي ا
بطل رخامة بتحرجني ويلا ننزل
علشان نقفل البوابة باين عليه عم مسعد نام ونساها
نفى برأسه وقال بعيون مسبلة تهيم بليل عيناها وبتنهيدات مسهدة اربكتها
نادين طول عمري مؤدب مش كده! واظن انك تشهديلي بده وعمري ما فرضت عليك حاجة
أومأت برأسها تؤيد حديثه وهي تستغربه بينما هو أكمل بنبرة عابثة وعينه لاتحيد عن غايتها
أصل اللي هعمله دلوقتي ملهوش دعوة بالاحترام واحتمال يخليك تغيري رأيك 
بعد وقت ليس بقليل 
مچنون...
عايزك تتعودي على الجنان علشان مفيش حاجة هتقدر تحجمني وتخليني اخبي مشاعري بعد النهاردة
حانت منها بسمة باهتة لم تصل لعيناها فقد ذكرها حديثه في تلك السنوات التي اهدرتها بتمردها عليه فحق كانت غبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى فكيف كانت غافلة عن ذلك الشعور الرائع بقربه وعن تلك السعادة الغامرة التي تنعم بها الآن. 
وبعد جلد ذاتها لعدة ثوان همست وهي تكوب وجنته بنبرة نادمة
هتغير يا يامن وأوعدك هنعوض كل اللي ضاع مننا بس أنت ساعدني واوعدني أنك مش هتسبني مهماحصل 
نفى برأسه وكأن ما قالته هو المستحيل بعينه وقال بكل إصرار دون لحظة تردد واحدة 
اسيبك...ده أنت روحي يا نادين حد يسيب روحه
نمت بسمة هادئة وعقبت بنعومة
ربنا يديمك ليا يا حبيبي
تحمح هو يجلي صوته وكرر مشاكسا
حبيبي تاني ... لأ كده كتير عليا وأنا بصراحة مش ضامن نفسي
لأ كفاية فضايح النهاردة ويلا ندخل البيت قبل ما حد من الجيران يشوفنا 
توقف عن عبثه بمضض شديد فمازال لم يرتوي ويقسم أنه لو استمر لأخر العمر لن يكتفي منها بينما هي أبتسمت تلك البسمة الآسرة التي تأسر قلبه وتدلت من السيارة فما كان منه غير أن يتبعها غافلين عن تلك العيون القاتمة التي كانت تتربص بهم من بادئة وصولهم وظل صاحبها يتوعد لهم بأشد الوعيد.
صباح يوم جديد يحمل بين طياته الكثير لذلك العقلاني الذي لم تغفل عينه لدقيقة واحدة منذ ما حدث فقلبه يأن بين أضلعه ولم ينفك عن التفكير بها منذ الأمس وكم ناجى الله كي يرأف بها وبقلبه الذي ينتمي لها رغم قناعاته.
فكان بمزاج عكر للغاية حين حاولت شقيقته تقنعه بأن يعمل على أحد سيارات الأجرة التي يملكها جارهم بشكل مؤقت إلى أن يجد عمل بأجر أفضل فما كان منه غير الموافقة وبالفعل اليوم هو أول يوم له وقبل أن يخرج بالسيارة من منطقهم وجدها تقف أمامه وتلوح بيدها كي يتوقف تجمدت نظراته لوهلة لايستوعب كونها تغاضت عن حديثه الرادع لها بلأمس وظهرت أمامه من جديد ورغم أن قلبه ارتعش أحفالا لرؤيتها إلا أن ملامحه ظلت صامدة حين توقف وصعدت هي بجانبه قائلة باقتضاب دون أن تنظر له
عايزة اروح عين شمس لو سمحت
استغرق الأمر منه بضع ثوان كي يستوعب ما تحاول أن تفعله ولكنه فشل في فهمها لذلك هدر متسائلا 
بتعملي ايه هنا يا ميرال مش اتكلمنا امبارح
تنهدت بعمق واجابته بكل إصرار وبنبرة مقتضبة
مقتنعتش... واتفضل وصلني علشان متأخرة وعندي محاضرات
ضړب كف على آخر

وقال بسخرية مريرة
أنت مچنونة رسمي 
رفعت منكبيها وردت دون لحظة تردد واحدة 
قول اللي أنت عايزه قول إني معنديش كرامة وقول كمان إني فرضت نفسي عليك وعلى بيتك وعلى حياتك بس انا مصدقت لقيتك وعمري ما هفرط فيك...وبعدين أنت قولت أن دي مشكلتي لوحدي بس الحقيقة أن دي مشكلتك أنت لأنك قولتلي قبل كده إني اتحب وإن كل اللي معرفوش يحبوني العيب فيهم مش فيا وانا اتعودت أصدقك
نعم قال ذلك مسبقا وهو لا يحيد عن رأيه فياليتها تعلم أنها أصبحت تسري بدمائه سريان الډماء ولكن ماذا عن قلة حيلته ولذلك عليه أن يثبت ويدعي عدم الفهم كي لا يفتضح أمره
يعني إيه مش فاهم
يعني تسوق وتوصلني من سكات و اعمل حسابك انك هتلاقيني مستنياك هنا كل يوم 
ومتقلقش شغل العداد بتاعك وهحاسبك زي الزباين العادية 
مرر يده على وجهه وقال بكل عقلانية
اللي بيحصل ده غلط وأنت مش مدركة الوضع كويس
أجابته هي بثقة استمدتها منه مسبقا وبنبرة تقطر بالإصرار
لأ مدركة وعارفة الوضع اللي أنت تقصده كويس يا محمد ومش فارق معايا حاجة وعندي استعداد أقف قدام الدنيا كلها علشان تفضل جنبي
حديثها لم يبدو منطقي له ولم يستوعبه عقله لذلك قال بنبرة صدرت منه حادة بعض الشيء
أفضل جنبك بصفتي أيه 
كانت تشعر بمعاناته وتشعر بتلك الحړب الضارية التي تقوم داخله وكونها تعلم أنه مازال متمسك بمنطقه وقناعاته الراسخة إلا أنها حاولت أن تؤثر عليه قائلة
مش لازم نحط مسمى لقربنا...خليه اللي بينا مش مشروط وأنا عمري ما هتحامل عليك ولا هفرض عليك حاجة...وعلشان خاطري أدي فرصة لقلبك يقرر بالنيابة عنك...
نظر لها نظرة عميقة مطولة ورغم ذلك التشتت التي رأته في عينه إلا أنها كانت تشعر أن خلف ذلك التردد شيء يعنيها ويكنه لها فما كان منها غير أن ترسل له بفيروز عيناها نظرات مطمئنة مفعمة بالإصرار جعلته يهمس بتنهيده مثقلة وهو ينظر لأعلى يناجي ربه كي يلهمه الصواب
حرام عليك يا ميرال أنت بتصعبيها عليا
جاوبته وهي تلامس ذراعه بحركة عفوية لم تتعمدها ورغم ذلك زلزلت دواخله وجعلت عينه ټغرق ببحر عيناها
صدقني أنت اللي بتصعبها على نفسك وعليا انا مش فارق معايا حاجة غيرك...
إصرارها وتمسكها به جعل بصيص من الأمل يتسربل لتلك القناعات ويزعزع ثباتها وعندها تذكر حديث شقيقته بشأن السعي من أجلها و أدرك أن تمسكها به لذلك الحد سيدعمه ويجعله يفعل المستحيل كي يكون جدير بها
لذلك قرر أن لا ينهك نفسه بالتفكير أكثر فهو يعلم ما عليه فعله
أنت مچنونة وجنانك ده معرفش هيودينا على فين 
أبتسمت وعيناها تهيم به ثم قالت بإصرار عظيم نابع من تلك المشاعر الجارفة التي تكنها له
مش مهم هنروح على فين المهم أننا نبقى مع بعض وتتمسك بيا زي ما أنا متمسكة بيك
تنهد تنهيدة مسهدة وأتسعت بسمته وهو يشملها بأهتمام وفيض عيناه وكم تمنى
تم نسخ الرابط