خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

أنها لا تشاركه تلك الرغبات الساذجة بل اتخذت قرار قاطع لا رجعة فيه وكيف يكون وقرارها نابع من مستنقع الأفعال المشينة و الخذلان الذي أغدقها به تحت وطأة تلك الخطايا التابعة لفعلته.
هو مش انا قولتلك متجيش واقعدي في البيت ذاكري امتحاناتك قربت
قالها محمد معاتبا بعدما باغتته ككل يوم وصعدت إلى سيارة الأجرة التي يعمل عليها قبل أن ينطلق بها من منطقتهم
لترد هي عليه ببسمة مشاغبة مفعمة بالحياة
حاولت ومعرفتش وبعدين اعمل ايه يعني وحشتني يا حمود
مچنونة اقسم بالله
طيب وايه الجديد ما أنا عارفة وبعدين متحاولش تنكر أن جناني ده بيعجبك
حانت منه بسمة واسعة وعقب على مشاكستها ومنغاشتها اللطيفة
للأسف ما باليد حيلة
اتسعت بسمتها ثم طلبت بحماس
طيب يلا بينا انا جعانة وعايزة أفطر فول من على العربية
رفع أحد حاجبيه وقال مشاكسا
أنت داخلة على طمع بقى وشكلك هتضربيلي اليوم ومش هشتغل بالتاكس
مطت فمها وتسائلت بترقب
هو أنت زهقت مني يا محمد
زفر بقوة وأجابها وهو يشملها ببندقيتاه
ميرال أنا عمري ما اقدر ازهق منك بس ده أكل عيشي ولازم احترم الراجل اللي أمني عليه واديله حقه
تنهدت بضيق واعتدلت بجلستها ثم قالت بعدم رضا
أنا مقولتش حاجة بس بصراحة الشغل ده

مش عاجبني وأنا كتير قولتلك أكلم حد من معارف بابي يشوفلك شغل غيره وأنت بترفض
مسد جبهته بأبهامه وسبابته وطفر بواحدة من تلك القناعات التي يرفض أن يتنحى عنها
أنت عارفة أنا برفض ليه...واظن قبل كده وعدتيني أنك مش هتفرضي حاجة عليا
اعترضت وهي تجلس بزاوية المقعد كي تراه بوضوح
يا حمود ما أنت دايخ على شغل غيره ومش لاقي فيها أيه لما اساعدك!
ميرال خلاص قولتلك مش هقبل بأي مساعدة منك وياريت تقفلي الموضوع ده نهائي
قالها بعزة نفس أبية و بكامل صوته الأجش ولم يعي أنه أجفلها وجعلها تنظر له نظرات معاتبة ألمت قلبه و جعلته يلعن ذاته ويدرك الموقف معتذرا بسرعة متناهية
آسف... والله آسف مكنش قصدي اتعصب عليك بس أنت عارفة رأي في الموضوع ده علشان خاطري يا ميرال بلاش نتكلم فيه تاني انا قدمت ال في كذا شركة ولغاية دلوقتي محدش رد عليا بس أنا مش هيأس وهدور تاني وتالت ورابع على شغل وإن شاء الله هلاقي
لامس صدق أسفه شغاف قلبها وكونها تشعر بتلك الحړب الضارية المقامة داخله ألتمست له الأعذار ولكن ليته يصدق أنها لا تكترث لدوافع حربه بل كل ما تكترث له هو لذلك تفهمته وردت بنبرة هادئة وهي تضع يدها على يده المسنودة بجانبه
إن شاء الله يا حمود واوعدك طالما بيضايقك الموضوع ده مش هتكلم فيه تاني وخليك متأكد إني هفضل معاك لو لأخر العمر
طيب يلا بقى انا مېتة من الجوع يا حمود متبقاش بخيل وكمل جميلك
تنهد تنهيدة مسهدة بضجيج قلبه وحانت منه بسمة هادئة اختطفت قلبها حين قال
حاضرأمري لله لما أشوف أخرتها معاك يا حلو 
لملمت خصلاتها ببسمة خجولة بفضل ذلك الإطراء المحسوس منه بينما هو أنطلق بها كي يلبي رغبتها غافلين عن تلك السيارة التي تتبع خطاهم منذ عدة أيام وذلك الشخص بداخلها الذي رفع هاتفه للتو ونقر رقم من وكلته بذلك يخبرها بكل التفاصيل ويؤكد لها أن كافة ظنونها بمحلها تماما
أيام مرت عليها بصعوبة بالغة بعد خسارتها فكانت صبح وليل تنعي حظها وټلعن حياتها حتى كادت تجف دمعاتها ولكن مع مرور بضع أيام استعادت رباط جأشها و استوعبت تدريجيا أن تلك ارادة الله وحتما أن هناك حكمة خفية وراء خسارتها لذلك رضت بما كتب لها واحتسبته عند الله. فربما حدث ذلك لينتشلها من سباتها ويجعلها تثور لكبريائها قبل أن تهدر سنوات أخرى مغيبة تحت وطأة رجل مثله.
رهف وبعدين معاك هتفضلي سرحانة كده كتير
قالتها سعاد كي تحفز رهف التي كانت ساهمة طوال الوقت بعد ما حدث وكأنها بعالم منعزل لا يمت لعالمهم بشيء تنهدت رهف ببسمة باهتة و طمأنتها
هبقى كويسة يا سعاد متقلقيش عليا ومتستهونيش باللي مريت بيه ولسة أثره فيا
نفت سعاد برأسها و واستها وهي تجلس بجوارها وتربت على يدها
والله مش مستهونة بيه ... أنا عارفة أن اللي حصل صعب عليك بس لازم تقوي نفسك علشان تعرفي تاخدي حقك وتقفي على رجلك من تاني
أومأت رهف بعيون أصبحت فارغة لا شيء يسكنها سوى الحزن ثم اجابتها
متقلقيش مبقاش ينفع أضعف تاني واتهاون في حق نفسي أصل الضړبة اللي مبتموتش بتقوي يا سعاد وأنا لازم ابقى قوية علشان خاطر ولادي
تنهدت سعاد وقالت بتشجيع
طب يلا قومي ألبسي علشان نخرج الولاد انا لما صدقت ولادي الاندال رجعوا من عند حماتي وعايزة اخرج معاهم قبل ما الاجازة تخلص
نكست رهف رأسها وهمهمت معتذرة
آسفة يا سعاد بوظتلك أجازتك ولخمتك معايا في مشاكلي وخليتك انشغلتي عن ولادك.
زفرت سعاد وڼهرتها قائلة
أنت بتقولي أيه احنا أخوات يعني مفيش بينا الكلام دهده انا بحمد ربنا اني نزلت في التوقيت ده علشان ابقى موجودة معاك وإذا كان على الولاد فمتقلقيش عماتهم وجدتهم غرقوهم فسح وخروجات
أبتسمت رهف بإمتنان عظيم لها بينما هي استأنفت قائلة
يلا بقى الله يخليك قبل ما صاحبتك الزنانة ما تيجي وتوجع دماغنا وتستعجلنا
همهمت هي بدفاع
هيسارة زنانة بس جدعة كفاية أنها عطتنا مفتاح الشاليه بتاعها وخلتنا نقعد فيه طول الفترة اللي فاتت وجوزها هو اللي قام بكل إجراءات القضية
أيدتها سعاد
الحمد لله أن جوزك ما يعرفهاش أوي ولا يعرف تفاصيل عنها وبعدين أنا معاك هي جدعة بس ده ميمنعش انها زنانة يا رهف ده أنا دماغي بتورم لما بشوفها
ابتسمت رهف بينما استأنفت سعاد وهي تنهض تفتح خزانة الملابس تنتقي بعض الملابس لها
بس عايزة الحق أنا شايفة أنها صح...يعني لو سمعتي كلامها ونزلتي اشتغلتي معاها في المكتب بتاعها الشغل هيساعدك تتخطي المرحلة دي من حياتك وهيرجع حماسك وثقتك في نفسك
تنهدت رهف تنهيدة مثقلة وأجابتها
سارة كتير كانت بتلح عليا زمان بس أنا كان عندي أولاويات تانية أنا وعدتها بس الأول أنا محتاجة شوية وقت أرتب حياتي من أول وجديد
عقدت سعاد حاجبيها وتساءلت
بتفكري في أيه
زفرت هي نفس ثقيل من على صدرها وقالت بصمود قوي رغم

هشيم دواخلها
لازم أرجع مش هفضل هربانة منه ولازم اواجهه ده غير أن الولاد لازم يرجعوا للدراسة كفاية الوقت اللي ضاع
نفت سعاد بعدم اقتناع
إزاي بس يا رهف وافرضي اتعرضلك و أذاك تاني ده انا كنت شايلة هم حضورك جلسات المحكمة تقوليلي هرجع وأوجهه انا مش موافقاك ابدا
حانت من رهف عابرة وأخبرتها بقوة نشبت بداخلها بعد نكبتها
متقلقيش عليا مفيش حاجة ممكن تأذيني اكتر من اللي عمله فيا...وبعدين انا اخدت حذري منه وهو مش غبي علشان يورط نفسه تاني معايا
هزت سعاد رأسها واقترحت
خلاص نبقى نشوف شقة بعيد ويكون هو ميعرفش عنوانها أأمن
نفت رهف برأسها وأخبرتها بصمود غريب وإصرار أغرب
لأ انا هرجع البيت اللي اتربيت فيه واعيش هناك أنا والولاد أنت عارفة إني بحب الشقة وبرتاح فيها...ده يعني لو معندكيش مانع
لأ طبعا ده بيتك...لتتنهد وتضيف وهي تربت على كتفها
رغم خۏفي عليك بس مفيش قدامي غير إني ادعيلك...دي حياتك أنت وليك مطلق الحرية فيها وأنا بثق فيك ومتأكدة انك هتعرفي تتصرفي وتاخدي قرارات صح وهتقدري تتخطي كل اللي فات 
أبتسمت رهف وأخبرتها بإمتنان 
مش عارفة من غيرك كنت عملت أيه يا سعاد ربنا يخليك ليا
أما عنها فقد اندثرت هواجسها وقناعاتها تماما ولم يتبقى شيء منها سوى ذلك الندم الذي يفتك بها وتحاول جاهدة التكفير عن أخطاءها تجاهه وتجاه والدته وكم لامت نفسها كونها كانت غافلة عن كل تلك السعادة والدفء التي تنعم به الأن فبعد تلك الليلة الحالمة التي طبعت بذاكرتهم للأبد تغيرت معاملتها له بنسبة كبيرة فقد اصبحت تطيعه بكل شيء بلا نقاش وتتفهم خوفه عليها بكل طواعية حتى أنها اعتذرت من ثريا وأبدت ندمها فما كان من ثريا غير أن تتفهمها وتلتمس لها الأعذار وترشدها إلى الصواب وتؤكد لها أنها مهما فعلت ستظل ابنتها التي تربت على يدها فكان الأهتمام والحنو الذي يغدقوها به جعلها ټلعن ذاتها في اليوم ألف مرة كونها اهدرت كل ذلك الوقت وهي مغيبة تحت وطأة اڼتقام واهي وشكوك بالية ليس لها أي اساس من الصحة إلا برأسها.
أما عن صاحب الناعستين الدافئة فقد أصبحت بسمته لا تفارق وجهه بتاتا من حينها وكأنه وجد ضالته بعد سنوات شقاء فكان في أوج سعادته وهو يلحظ تغيرها الجذري معه ومع والدته فذلك المنزل الذي كان يضج دائما بالمشاحنات والضجيج أحتله السلام أخيرا واصبح الحب هو من يسوده.
فحتى هو كان له مبادرة في ذلك التغير حين غير سياسته السابقة معها بعد أن أخذ عهد على ذاته أنه لن يرهبها مرة أخرى فبعد اعترافها الصريح له أطمئن قلبه وسكن بين أضلعه ولم يعد بحاجة لهذا فقد أصبح يشاركها تفاصيل يومه ويتلهف لردود أفعالها يتحين الفرص كي يشاكسها و يستمتع بخجلها وكما وعدها لم يفرض عليها أمر فقد سمح لها ان تذهب لجامعتها وقد أعاد لها هاتفها وابتاع لها جهاز لوحي أخر حتى أنه أهداها سيارة أخرى احدث موديل بنفس لونها المفضل ولكنها فاجأته عندما قالت له انها لاتريد أي شيء سواه فلم تجربها حتى بل كانت لا تخطوا خارج باب البيت إلا برفقته هو فحتى جامعتها أعرضت عن الذهاب لها وهاتفها لم تقم بفتحه إلى الآن لاينكر أن الأمر اشعره بالغرابةقليلا كونه مخالف لطبيعتها ولكنها كانت تؤكد له أنها لاتريد شيء أن يشغلها عنه وتريد أن تعوض كل ما فاتها معه وبقربه.
فهمتي يا مغلباني ولا في حاجة تانية واقفة معاك
قالها هو حين انتهى من شرح أحد المواد التي تطوع بتدريسها لها. بينما هي كانت بعالم موازي تهيم به قائلة
فهمت يا حبيبي
ابتلع ريقه وزاد وجيب قلبه من ذلك اللقب التي اصبحت تمنحه اياه وقال وهو يهيم بليل عيناها
يالهوي عليا وعلى حبيبي اللي بتطلع منك أنت عايزة تجيبي أجلي يا نادين مش كده
نفت برأسها مستنكرة وقالت ببطء ممېت
بعد الشړ عليك يا قلب يا نادين بلاش علشان خاطري تقول كده تاني
أبتلع ريقه ببطء تحت وطأة اناملها التي تكاد تفقده ثباته وأومأ لها بهزة صغيرة من رأسه ثم رد ببحة صوته المميزة التي تعشقها
أنت أزاي كده أنا مش مصدق أنك هي!
حانت منها تلك البسمة المهلكة خاصتها التى لطالما اوقعته بها وأخبرته بقناعات جديدة اكتسبتها بفضل أخطائها السابقة
لأ أنا هي يا حبيبي بس الأول كنت بتحاما بعقلي ومفكرة إني قوية ومفيش حاجة تغلبني لكن دلوقتي أنا لغيت عقلي علشان اكتشفت ان كل اللي كان بيسيطر عليا بيه
تم نسخ الرابط