خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

خطايا بريئه بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

يؤشر على الطاولة الصغيرة بجانبها وتقسم انها لم تنتبه متى جاء بها
لتتناول الكوب وترتشف منه القليل وتمنحه نظرة ممتنة عابرة لتجده يرتشف من كوب مشروبه المفضل متلذذا ليصدر سؤالها عفوي للغاية 
انت فعلا مش بتحب القهوة
لأ عمري ما حبيت مرارتها
طب ليه شاي بحليب بالذات ايه سر حبك ليه!
اجابها ببسمة بشوشة هادئة

مفعمة بالحنين
ابويا الله يرحمه هو اللي حببني فيه...وكان مزاج عنده زي القهوة كده
الله يرحمه...هو اتوفى وانت صغير
احتل الحزن عينه واجابها بنبرة مخټنقة بعبق ذكرياته
لأ كنت لسه متخرج و كانت أصعب مرحلة في حياتي انا ووالدتي.
لاتعلم ما بها ولم تنهال عليه بأسئلتها فما شأنها هي ذلك ما كانت توبخ به نفسها حتى انها اعتذرت قائلة
آسفة لو سؤالي ضايقك وفكرتك
تنهد تنهيدة مثقلة ثم عقب بنبرة صامدة وببسمة يجيد اقتناصها في أشد أوقاته حزنا
في حاجات على أد ما بتوجعنا وتكسرنا لكن مبتتنسيش ابدا وبتفضل محفورة جوانا علشان تفكرنا بأوقات ضعفنا وازاي اتخطناها و قوينا بعدها.
عندك حق
قالتها ببسمة حزينة باهتة محملة بعبق ذكرياتها المريرة... لتتجمد خضراويتاه المحبطة عليها وينطق لسانه دون وعي
انت من الحاجات دي على فكرة
عقدت حاجبيها وتسائلت بريبة
مش فاهمة
لعڼ تحت انفاسه زلفة لسانه ثم تلجلج بحرج وبنبرة مترددة وهو يضع الكوب من يده
اقصد...يعني...انا
زفر انفاسه دفعة واحدة عندما انحصر الحديث بحلقه وقال متوترا كي يتهرب وهو يهب واقفا
اعتبريني مقولتش حاجة 
تعجبت من رده فعله وتسائلت بريبة 
جاوبني تقصد ايه ! هو انت كنت تعرفني قبل كده
تنهد بلا فائدة وهز رأسه لتضيق هي رماديتاها وتتسائل بريبة
ازاي ممكن تقولي
استند مرة أخرى وتحدث كي يوضح لها
انت ناسية أن احنا جيران ولا ايه
رفعت منكبيها وردت وهي تضع الكوب من يدها
بس انا مش فكراك!
تنهد بعمق و اجابها وهو يمسد منحدر أنفه بإرتباك
أنا اصلا عمري ما حاولت ألفت نظرك أنا كنت معيد في الجامعة لما أنت جيتي عيشتي في بيت عمك و كنت هادية اوي ونفس البسمة الحزينة دي مكنتش بتفارق وشك...ابتلع باقي حديثه بتردد لتحثه هي مستخدمة نفس جملته السابقة
كمل يا دكتور أنا مش
بعض
رفع حاجبيه متهكم على شراستها السابقة 
ده بأمارة ايه بس!
قلبت عيناها وفضولها يدفعها دفع كي تستمع لبقية حديثه وكأنها توده أن يذكرها بتلك القديمة التي كانت عليها لذلك كررت وهي تربع يدها بنفاذ صبر
كمل يا دكتور.
هز رأسه واستفاض معها
امي ومرات عمك كانوا اصحاب وكنت كتير بشوفك بس أنت مكنتيش بتاخدي بالك مني
حاولت اعتصار عقلها لكي تتذكره ولكن بلا جدوى لتتنهد بيأس وتقول
فعلا مامتك قالتلي أنها كانت هي ومرات عمي أصحاب وانهم كانوا بيودوا بعض بس أنا للأسف مش فاكرة حاجة زي كده
ابويا كان تعبان الفترة اللي جيتي تعيشي معاهم فيها وامي كانت مش بتفارقه لغاية ما اتوفى وامي تعبت قوي بعدها ونفسيتها كانت متدمرة و وقتها جالي عرض كويس برة مصر و اضطريت اوافق واخدها معايا. 
لا تعلم لم استشفت شيء بحديثه زاد من توترها نحوه وزاد من يقين حدثها التي لطالما هاجمته من اجله لذلك تساءلت بملامح ثابتة وبنبرة تكمن بين طياتها هجوم مستتر
تمام طلعنا جيران من زمان بس برضو مفهمتش ليه بتقولي كده و انا مكنش ليا اي علاقة بيك وحتى مش فكراك!
توقع سؤالها وحتى انه احتفظ بباقي القصة ولم تواتيه الشجاعة كي يخبرها بها لذلك رد بكل وضوح
انا مش بحب اللف والدوران يا بشمهندسة...انا حكيتلك بس علشان انت اللي اصريتي ولو في حاجة مقولتهاش يبقى لسه مجاش وقتها
هزت رأسها بنظرة مبهمة لم تريحه بالمرة وكم لعڼ ذاته على استفاضته معها التي من الواضح أنها ستجعلها تتفهمه بشكل خاطئ وتعود لهجومها وشراستها الدفاعية من جديد لذلك تسائل بترقب
بتمنى معاهدة السلام اللي بينا تكون لسة قائمة
تنهدت وقالت بعدما ازاحت بوجهها تنظر لكل شيء عداه هو
لسه قائمة يا دكتور.
نفذت اتفاقنا وده نصيبك...
اخيرا طلعت بحاجة من جوازتي من الغبي ده...
تناول نفس عميق ثم زفره ببطء قائلا بنفاذ صبر
اظن انا عملت اللي عليا وصبرت عليك كتير والدور عليك ټوفي باتفاقك
وماله يا حوسو أنت طلعت جدع ونفذت اللي قولتلك عليه وانا معنديش مانع تبعت تجيب المأذون
مأذون ليه
مش فاهم
علشان نتجوز يا حوسو الشرط أخره نور ولا انت ليك رأي تاني..
وماله يا عيون حوسو بس مش النهاردة الموضوع محتاج ترتيب
يبقى تبعد ومتستعجلش كل شيء بأوان يا حوسو
مش هستعجل بس وقتها عايزك تسيبيلي نفسك خالص
...
مما جعلها تشدد ضغطها على عيناها جعلته يبتسم ويشعر بالزهو
systemcodeadautoads
إياك تتجرأ وتلمسني تاني أنا مش رخيصة للدرجادي ومفيش راجل لمسني من غير جواز
حانت منه بسمة غامضة لم

تتفهم المغزى منها ثم قال بهدوء مخيف وهو يرفع يده باستسلام 
مش هتتكرر تاني وخلاص بلاش تقفشي...
هاجمته هي
أنت جريء اوي انا...
قاطعها بنبرة نافذة
قولت آسف ممكن تهدي
ابتلعت ريقها ليكرر هو أسفه ولكن بطريقة لينة مما جعلها تهز رأسها ليستأنف هو
اوعدك مش هتكرر...يلا روحي 
شيلي فلوسك وانا هعمل كاسين
نشربهم في صحة الغبي اللي كنت متجوزاه قبل ما امشي
إنصاعت له وما أن تحركت أمامه اعتلى جانب فمه ساخرا من تمنعها الواهي الذي جعله يتيقن أن لا شيء سيجدي معها سوى تلك الحيلة التي باشر في تنفيذيها حين أخرج من جيب بنطاله زجاجة بحجم الأصبع وحل غطائها لتظهر قطارتها ونقط بكأسها الذي سكبه للتو بضع نقاط وفيرة كي تسهل عليه نيل غرضه الدنيء منها.
تقلصت معالمه وفتح عينه بتثاقل شديد ثم اغلقهم مرة ثانية ثم لبعض ثوان معدودة كرر المحاولة إلى أن استطاع اخيرا
أن يسيطر على ردة فعله ويفتح عينه يقلبها في كل ما حوله مشوشا ليرفع يده الواهنة ويجذب قناع التنفس و يهمس بتحشرج وبصوت ضعيف النبرات وبحلق جاف لم يسعفه إلا بنطق اسمها
نادين
الاربعون
هناك دوما ما اسمه الفرصة التي تعقب الفرصة الأخيرة ما بعد الأخيرة إنها الفرصة التي يمنحها لنا القدر يمنحها لسبب ما.
عمرو الجندي
تقلصت معالمه وفتح عينه بتثاقل شديد ثم اغلقهم مرة ثانية ثم لبعض ثوان معدودة كرر المحاولة إلى أن استطاع اخيرا
أن يسيطر على ردة فعله ويفتح عينه يقلبها في كل ما حوله مشوشا ليرفع يده الواهنة ويجذب قناع التنفس و يهمس بتحشرج وبصوت ضعيف النبرات وبحلق جاف لم يسعفه إلا بنطق اسمها
نادين
حمد الله على سلامتك يا نضري
قالتها الممرضة وهي تقوم باللازم واستدعاء الطبيب الذي أتى مهرولا ليعاينه في تلك الاثناء كانت ثريا تجلس في الرواق تستأنث بقرب ولدها حين خرج الطبيب وهرولت إليه متلهفة ليطمئنها قائلا
متقلقيش مريضكم فاق وشوية وهيطلع غرفة عادية وتقدرو تشفوه وتطمنوا عليه بنفسكم
رفرف قلبها وتهللت أساريرها وقبلت باطن يدها وظهرها حامدة وعيناها تزف فرحة نجاة ولدها
الحمد لله...الحمد لله...الحمد والشكر ليك يارب...الحمد والشكر ليك يارب
طرقات على باب الغرفة جعلتها تصدق على كلمات الله وتغلق كتابه العزيز وتسمح للطارق بالدخول لتندفع الممرضة ذاتها تبشرها
چوزك فاج يا بتي واول ما نطجنطج بأسمك
لم تستوعب وهبت من جلستها قائلة بنبرة مرتعشة غير مصدقة وهي على حافة البكاء
فاقبجد احلفي انا مش مصدقة
أكدت لها وهي تربت على ذراعها
يابتي والله العظيم زي ما بجولك تعالي وهتتأكدي بعينك
الحمد لله... الحمد لله... الحمد لله...انا عايزة اشوفه وديني ليه الله يخليك...
هزت رأسها وسحبتها خلفها وما ان وصلوا لتلك الغرفة التي تم نقله بها وجدت ثريا تقف على اعتباها بوجه تكاد البسمة تشقه من شدة سعادتها قائلة
فاق يا بنتي الحمد لله ادخليله وانا هروح اتوضى واصلي ركعتين حمد وشكر لله
هزت رأسها بحركة بسيطة ثم اقتربت بخطوات وئيدة متعثرة في حين هو همس بضعف ما أن سقطت ناعستيه الواهنة عليها
وحشتيني يا مغلباني
تسمرت بأرضها فور رؤيته و وضعت يدها على وجهها واخذت تهز رأسها بحركة هستيرية تدل على عدم تصدقيها تضحك تارة وتبكي تارة أخرى وكأنها فقدت عقلها من شدة سعادتها ...ف الله استجاب لدعواتها وابتهالها ومنحه القوة كي يعود لها.

ليهمس بأسمها من جديد
نادين...
ابتسمت من بين دمعاتها وهرولت باكية إليه كتلك الطفلة ذاتها صاحبة الضفائر التي تعودت أن تحتمي به وتحظي بالأمان بقربه.
فقد وقفت على بعد خطوة واحدة منه مضطربة لا تعلم ماذا تفعل أتقترب و أم ستؤلمه كانت خائڤة والشيء الوحيد الذي صدر منها انها كانت تطالعه وكأنها اخيرا وجدت ضالتها بنظرات صادقة تتلخص بها مزيج من لهفتها وعشقها واحتياجها وقلقها وخۏفها مما جعله يطمئنها بنظراته ويهمس بضعف
أنا كويس كفاية عياط
شجعها أن تقترب بمد يده لها لتتشبث هي بها وتجلس بجواره على طرف الفراش بحذر ليمد يده الأخرى يمررها بخصلاتها قائلا بصوت مبحوح من شدة الوهن
كنت خاېف مشوفكيش تاني
تمسكت بكلتا يداها بذراعه ثم مالت عليه واغمضتت عيناها وارتعش فمها و وضعت جبهتها على خاصته واخذت دموعها تنساب بغزارة حتى ڠرقت وجهه القريب معها ليرفع يده ويكوب وجنتها ويهمس بملامح متعبة وهو يمرر
إبهامه على وجنتها
بلاش دموعك بتقتلني...
هزت رأسها بطاعة وهي مازالت تسند

جبهتها على خاصته ثم فتحت عيناها تكوب وجنته كما يفعل هو و قالت بنبرة مخټنقة مټألمة نال منها العڈاب بما يكفي
انا مش مصدقة انك رجعتلي...أنا كنت ھموت من غيرك يا يامن...
همس بضعف وهو يتحامل بكل طاقته
بعد الشړ عليك يا قلب وروح يامن...
لتنكس نظراتها بخزي وتقول نادمة
اللي حصلك كان بسببي سامحني يا يامن علشان خاطري سامحني انا غلطت كتير في حقك وكنت غبية انا مستهلش حبك ومستهلش أي حاجة في الدنيا 
تنهد مثقلا من حديثها الذي شعر انه استمع له من قبل وقال بعشق خالص لها
قولتلك قبل كده اللي يحب ميعرفش يكره ومبيعرفش غير يسامح...بلاش تأنبي نفسك وتحمليها فوق طاقتها
انا اكتشفت أنك انت محور حياتي و كل اللي ليا في الدنيا أنت حبيبي وجوزي وسندي وضهري وعزوتي أنا من غيرك ولا حاجة يا يامن...
اتسعت بسمته وتحدث مشاكسا رغم ما يجتاحه من وهن كي يزيح حالة الكآبة والحزن التي هي عليها
ياااه كان فين الكلام ده من زمان يعني كان لازم اتضرب پالنار علشان تعقلي وتكتشفي الاكتشافات العظيمة دي
انا لو اعرف كده كنت وصيت خالك يقوم بالواجب من زمان
ابتعدت برأسها وقالت من بين دمعاتها ببسمة عابرة
لسة رخم
مرر انامله على وجنتها يجفف دمعها وهمس بصوت مبحوح و بنظرة تفيض بمكنون قلبه المولع بها
بس بتعشقيني مش كده!
أكدت بعدما اندثر حزنها وتسللت الفرحة لتكسو تقاسيمها
اه كده واكتر من كده كمان
اتسعت بسمته مما جعل قلبها يتهاوى بين ضلوعها وهي تهيم به بنظرات صادقة مفعمة بما يعتمل في قلبها فقد تعانقت نظراتهم الوالهة كي يعوضون بها تلك الأيام العجاف القاسېة التي انهكت كل منهم لحين همس هو معاتبا وهو يتلمس بأنامله موضع بطنها
خبيتي عليا ليه
ابتلعت ريقها واستغربت معرفته بالأمر ليوضح هو
انا كنت حاسس بيك
تم نسخ الرابط