الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن
الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
دقنهم اللى معاه دول أنا عارفة أيه الأشكال اللى بيعرفها دى!
فتح باب العنبر مرة أخرى فتعلقت أبصار الجميع به دخل الشاويش المسئول عن العنبر وتقدم باتجاه عمرو وفارس وبلال وأشار إليهم بحزم وقسۏة قائلا
تعالوا معايا انتوا التلاتة
نظر ثلاثتهم إلى بعضهم البعض بتساؤل فصړخ بهم بصوت كريه مرة أخرى
نهض ثلاثتهم وهم ينظرون إليه بحنق وتعلقت به أبصار شركائهم فى العنبر وهم ينظرون إليهم بشفقة سار ثلاثتهم خلفه وبعد أن أغلق العنبر أمرهم ان يسيروا خلفه ساروا قليلا حتى توقف بهم أمام أحد الزنازين وشرع فى فتح بابها وهو يقول متبرما
حظكوا من السما
فتح الزنزانة ثم دفعهم داخلها بقسۏة مرة أخرى وأغلقها خلفهم كانت الزنزانة أقل عددا من العنبر الآخر بكثير كانت تبدو أكثر آدمية من التى قبلها والفرش والأغطية كانت تبدو أكثر راحة من العنبرالأول نوعا ما نظر زملائهم إليهم متسائلين كما يفعل مع كل معتقل جديد فالقى بلال السلام فأجابه البعض بخفوت
بعد ساعة استيقظ بلال على هزات خفيفة أنتبه من نومه دفعة واحدة بإنفعال فربت الرجل الذى كان يوقظه على صدره يهدئه وهو يقول
أهدى يا أخى انا بصحيك علشان تلحق الصلاة متخافش
نهض بلال وهو يشعر أن عظامه مختلطة ببعضها البعض فى ألم شديد توجه إلى فارس وعمرو وأوقظهما بنفس الهزات الخفيفة فاستيقظوا بنفس الأنتباه المفاجىء واتساع حدقاتهما بإنفعال شديد فطمئنهم وهو يقول
زفر عمرو بقوة وهو يقول
يا أخى حرام عليك ده انا مصدقت يغمضلى جفن
توجه فارس إليه وهو يمسك بيده لينهضه رغما عنه قائلا
قوم صلى يا عمرو الله أعلم احنا أعمارنا هتخلص أمتى هنا
وقف بلال بعد أن توضأ ليصلى بهم ولكن الرجل الذى أيقظه اقترب منه وقال محذرا
كل واحد يصلى لوحده يا دكتور صلاة الجماعة ممنوعه هنا
ويمنعوا صلاة الجماع ليه
ضړب عمرو كفا بكف وهو يقول
هو أحنا فى غوانتانمو ولا ايه
أنتهى الثلاثة من صلاتهم تباعا واحدا تلو الآخر مر يومان والحال هكذا لم يتغير
كانت بوابة الزنزانة تغلق عليهم فى تمام الخامسة والنص مساءا وكذا يكون أنتهى اليوم داخل السچن فيبدأ بلال فى أعطائهم بعض التمرينات الرياضية التى تقوى عظامهم لتستطيع تحمل خشن العيش داخل السچن وليستطيع مقاومة الرطوبة المنتشرة فى كل مكان فيه كان الجميع يستجيب له إلا واحدا لاحظ بلال أنه يرمقهم بنظرات غاضبة
مفيش أى وسيلة هنا نطمن الناس اللى برا علينا زمانهم دايخين علينا فى كل حته دلوقتى ومش لاقين لنا أثر
والله أهلكوا زمانهم مستريحين منكوا ومن التشدد بتاعكوا
ألتفت إليه فارس پغضب بينما ربت بلال على ذراعه حتى لا يرد عليه پغضب فصمت فارس وترك المجال ل بلال بالرد
فقال له بابتسامة
هو فى أهل فى الدنيا يبقوا مستريحين وولادهم فى السچن
ترك زملائهم فى الزنزانة ما كانوا منشغلين به وبدأوا فى متابعة الحوار ظنا منهم أنه سينتهى بمعركة تكون نهايتها زنزانة تأديب منفردة لكل منهما نظر له الرجل بحنق قائلا
لا طبعا بس اللى زيكوا أهلهم هيستريحوا منهم تلاقى كل واحد فيكم عنده أخت بيجرجرها من شعرها وينزل فيها ضړب لو شافها بتسمع أغانى ولا بتتفرج على فيلم
آخر عبارة نطقها جعلت فارس وبلال ينظران إلى بعضهما البعض ويبتسمان رغما عنهما
مال فارس للأمام وهو يقول له
حضرتك العنوان غلط اللى بيعملوا كده الممثلين اللى بيطلعوا فى التلفزيون مش أحنا
نظر له الرجل بتهكم وقال
الممثلين دول بيمثلوا حياتكم واللى بتعملوه فى أهلكوا بسبب تشددكوا فى الدين
تدخل بلال قائلا
ممكن اسأل حضرتك سؤال مش زمان كنا بنسمع أن الممثل علشان يندمج فى الدور بتاعه لازم يروح يعيش فى وسط الناس اللى هيمثل دورهم فى المسلسل
يعنى مثلا كنا زمان نسمع ان واحد راح دخل السچن علشان يعرف يمثل حال المساجين صح ولا لاء
أومأ الرجل برأسه قائلا
أه طبعا سمعنا كده كتير
ابتسم بلال ثم قال
طيب هل الممثل اللى بيمثل دور الملتزم ده بيروح يعيش مع الملتزمين فى بيوتهم وبيشوفهم بيعاملوا أهإليهم أزاى واخوتهم وزوجاتهم
قال الرجل ساخرا
هيروح ازاى يا شيخ يعيش معاهم فى بيوتهم هو طبعا بيتصور حياتكوا مع اهاليكوا
رفع بلال حاجبيه وقال بهدوء
طيب مش يبقى ده ظلم أنه يحكم علينا اننا بنضرب اخواتنا وزوجاتنا وهو عمره ما عاش وسطنا ونجرجرهم من شعرهم كمان علشان بيسمعوا أغانى ويطلع يمثل كده فى التلفزيون ويخلى الناس تصدق عننا كده وتخاف مننا وأحنا مش بنعمل كده أصلا
تدخل زميلا آخر لهم وقال
والله أنت معاك حق يا شيخ ده أنا ليا جار زيك كده لما مراته بتقعد مع مراتى يرغوا مع بعض شوية بترجع مراتى تقولى أنت مش رومانسى ليه زى جارنا الشيخ
قال الرجل الاول معترضا
والله بقى أحنا خدنا عنكوا الفكره دى بسبب التشدد اللى أنتوا فيه
وكل حاجة حرام حرام حرام حرمتوا علينا عيشيتنا
أتكأ بلال على أحدى جانبيه وقال
طب ممكن اسألك سؤال كمان ومعلش تعإلى على نفسك وجاوبنى
قال الرجل بملل
أتفضل
قال بلال بجدية
حضرتك عندك سخان غاز ولا كهربا
نظر له الرجل بدهشة وقال متهكما
سخان غاز يا سيدى ليه
ابتسم بلال قائلا
ممتاز فاكر حضرتك أول مرة ركبته فيها
فاكر
أعتدل بلال فى جلسته وقال باهتمام
يا ترى شغلته لوحدك
زاد الرجل مللا وهو يجيب قائلا
لاء طبعا صاحب المحل قالى معاه كتالوج ولازم أمشى على الخطوات اللى فيه بالظبط
قصد بلال ان يقول ببرود
وسمعت كلامه ليه
هتف الرجل بعصبية
يعنى ايه سمعت كلامه ليه مش هما اللى عاملينه وأدرى بيه
عقد بلال بين حاجبيه وقال
صاحب المحل اللى اشتريت منه السخان متشدد زينا
صوب الجميع نظرة لبلال الذى كان يتحدث باريحية وسلاسة فى الحديث والغلاف الذى كان يميز حديثه هو المنطق والهدوء وخصيصا عندما ظهرت علامات الدهشة على وجه الرجل وقال بحيرة
مش فاهم
عقد بلال ذراعيه بهدوء وهو يقول
يعنى ربنا سبحانه وتعإلى هو اللى خلقنا وهو اللى قالنا عن طريق رسولنا محمد صل الله عليه وسلم أن ده حرام وده حلال سواء فى القرآن أو فى السنة
يعنى القرآن والسنة دول ومن بعديهم اقوال السلف الصالح هما الكتالوج بتاعنا
علشان كده لما أنا أقرا فى الكتالوج ده وأعرف أن ده حرام واقولك عليه مينفعش حضرتك تقول عليا متشدد لانى كل اللى عليا أنى بنقل لحضرتك كلام ربنا وأوامره ونواهيه مش أكتر من كده يبقى انا متشدد ليه بقى
أطرق الرجل مفكرا وسادت همهمة بسيطة خاڤتة بين شركائهم فى الزنزانة معجبين بحديث بلال بينما ابتسم فارس وهو ينظر لبلال بإعجاب شديد
فأردف بلال قائلا
وزى ما حضرتك متأكد ان المصنع اللى صنع السخان وعمل الكتالوج وحط فيه ضوابط للتشغيل هو
متابعة القراءة