رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق

رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق

موقع أيام نيوز

لنقضه لاتفاقهم 
_ يعني إيه لغاية دلوقتي معملتش اللي متفقين عليه !! امال أنا مدياك فلوس ليه !
أجابها ضاحكا بسخرية وهو يشاطرها انفعالها 
_ عشان تاخدي الواد اللي عينك عليه ياقطة واهو معاكي .. ثم إن إنتي اللي ضحكتي عليا ومقولتيش إن البت دي تبع كرم العمايري ومكان ما تروح بيكون معاها ولولا إني شوفته في المستشفى ولحقت نفسي قبل ما يشوفني كان زماني دلوقتي مع الأموات
_ وإيه يعني كرم إنت مالك بيه وتعرفه منين !
غمغم في شراسة 
_ اعرفه عز المعرفة وهو لو عتر
فيا هو واخواته مش هيخلوني عايش يوم زيادة
قطبت حاجبيها وهتفت بحيرة من أمره وسرعان ما تحولت لصدمة 
_ ليه إنت عملتلهم إيه لتكون إنت اللي ... يانهار ابوك أسود !!
_ بقولك إيه يابت إنتي اطلعي من نفوخي أنا عملتلك اللي إنتي عاوزه والبت دي تبعي أنا وأنا اللي افكر هعمل فيها إيه وامتى وإزاي ولو كلمتيني تاني مش هيحصلك طيب وعارفة لو جبتي سيرة لكرم عليا مش هتردد لحظة
في إني اخلي نهايتك زي نهايتها وإنتي فهماني أنا قصدي على مين !
اغلقت الخط فورا في وجهه وهي تنتفض من الخۏف وقد فضلت الابتعاد عن هذا الرجل المريب تماما فهو الآن ليس في حاجة لتوصية فيبدو أنه ينوي بتلك الشفق الحمقاء الشړ وستشفي هي غليلها منها بلا ادني تعب وسيقوم هو بكل شيء !! ...
..شهر !! .. تركض الأيام كسيارات سباق وتمر حتى دون أن يشعروا بها والمواعيد تقترب ومنهم من
يخشي من هذه السرعة التي تمر بها الأيام ويتوسل الأيام أن تتمهل قليلا خشية من أن يجد نفسه أمام المحتوم والذي لا مفر منه ومنهم من يتوسلها لتسرع أكثر فلقد طال انتظاره وهو يتحرق شوقا لينل ما تطوق نفسه له من شهر أو سنوات والبعض الآخر تمر عليه الأيام كسابقيها لا تختلف كثيرا وروتينها لم يتغير فقط يستيقظ وينام على نفس أحواله المملة والتي بالبطيء !!! .
فقد واجه حسن الاستنكار والاستهجان من جميع أخوته بعدما عرفوا برغبته في الزواج من ابنة عمه ليس حقدا ونقما عليها ولكن سخرية من أنه فكر بالزواج ومن أكثر امرأة لا يطيقها !! وحاولت هدى محاولات فاشلة أن تجعله يتراجع ولكن بلا فائدة وقد حصل هو على الموافقة من عمه وتجهزوا جميعا لحفل الزفاف وكان بينهم من يحسب الأيام بالساعات والدقائق من فرط تشوقه لقدوم هذا اليوم وبالطبع هي غنية من التعريف تتجهز لزواجها وسعيدة كأنها عروس حظيت بالزواج من الرجل الذي سقط في عشقها من الوهلة الأولى وليس مجرد زواج سيكون تحقيق لرغباته الشيطانية والاڼتقامية منها وحرب ستخوضها هي معه لتنتصر في النهاية وترفع شعارها على قلبه .
أما زين فلقد اتفقوا مؤخرا أن يكون عقد قرآنهم في نفس ليلة زواج أخيه بعد أن وافق الجميع وحتى ملاذ ! فخطبتهم دامت لشهر وكان هو كل يومين يحادثها بالرسائل كالعادة يطمئن عليها وفكرت هي في البداية ألف مرة في إنهاء هذه الخطبة ولكن هناك قوى خفية تمنعها لا تعرف ماهي وداهمها شعور يخبرها بأن ربما هذه العلاقة تنجح أن اعطتها الفرصة كما اخبرتها صظيقتها وقررت أن تمنح نفسها فرصة ثانية لتنعم بالعشق مجددا فلقد أحست في قرارة نفسها أنها ربما تقع في عشقه إن تزوجته حتى وإن كانت حتى الآن لا يوجد أي مشاعر تجاهه فهي متأكدة بأن هذه المشاعر ستوجد مع الوقت وما عليها سوى أن تدعه يعشقها وأن تثق برجل مجددا وتتركه يستحوذ على مفاتيح قلبها حتى يفتحه حيثما شاء !! .
كرم لا يزال حتى الآن يتردد عليهم يوميا ويشفق على تلك المسكينة التي وضعها النفسي يزداد سوءا كلما ترى وضع والدتها الذي لا يتحسن وفقط يسوء أكثر مع الوقت ! وكان يطلب من شقيقته أن تأخذها ويخرجوا للتسوق أو التنزه مع بعضهم لعلها تخرج من حالتها المزاجية الكئيبة وكانت رفيف من أشد المرحبين بهذه الفكرة فهي أحبت شفق كثيرا وأحستها كأخت لها خصوصا مع تقارب سنهم الذي لا يتخطي السنة وفي ذلك الشهر تقاربت علاقتهم كثيرا واصبحوا أصدقاء والمتضرر الأكبر من كل هذا كانت شفق ! ومعاناتها تزداد يوم بعد يوم والنقطة الصغيرة في قلبها تجاه ذلك الكرم تنمو كل يوم أكثر من سابقه تخشي أن
يستحوذها بالكامل ولا يكون لها ضوءا حتى للخروج فيتم الحكم عليها بالسجن الأبدي في ظلام عشقه المستحيل وتكون قد أثبتت لنفسها وللجميع أن قلبها لا يختار من العشق إلا أصعبه !!! ....
أنه معاده كل يوم والباب يدق في الوقت المحدد كما اعتادت عليه منذ ما يقارب الشهرين فوضعت حجابها على شعرها ولفته بانتظام ثم خرجت وفتحت فقطبت حاجبيها باستغراب وهي ترى رفيف تقف أمامها وترتدي رداء يناسب السهرات والحفلات المسائية كانت رائعة وفائقة الجمال به .
_ رفيف !!
دخلت رفيف واغلقت الباب وهي تقول بعجلة من أمرها 
_ يلا يلا ادخلي البسي عشان هتاجي معايا وهتحضري فرح حسن وكتب كتاب زين وخلاص كتب الكتاب بعد العشاء يعني يدوب تلحقي تلبسي وده مش اختياري في أوامر صدرت بكدا !
قالت آخر كلماتها غامزة بلؤم فزداد تعجبها وقد اصابتها الدهشة من دخولها عليها المفاجئ وهي تطلب منها حضور عرس اخويها
لا لم يكن طلب بل أمر كما قالت حيث تشدقت بعدم فهم 
_ أوامر إيه دي !
قالت رفيف باسمة بنظرات ماكرة 
_ كرم هو اللي جابني
وقالي اطلع اقولك تلبسي عشان تاجي معانا ومستنينا تحت بالعربية يلا بقى
تجمدت الډماء في عروقها وتسارعت انفاسها تلقائيا حين قالت بأنه هو الذي يرغب في حضورها ولكنها لملمت أشلاءها التي بعثرت بمجرد نطق اسمه أمامها وهتفت متلعثمة في توتر 
_ لا فرح إيه يارفيف أنا معملتش حسابي ثم إني مقلعتش الأسود لغاية دلوقتي على سيف الله يرحمه
_ ياستي وهو حد قالك اقلعيه ولا اتزيني وحطي مكياج والبسي فستان تعالي بهدومك
السودا احنا عايزينك تحضري معانا عشان تفكي شوية وتفرفشي
تنفست الصعداء بعدم حيلة ثم اتجهت نحو غرفة والدتها لتأخذ الأذن منها وترى رأيها هل توافق أم لا فتجدها تبتسم لها باتساع وتومىء لها برأسها بالموافقة ثم تشير إلي ملابسها السوداء بمعنى أن تبدلها بملابس تناسب سنها فرفضت هي في البداية ولكن حين شعرت بانزعاج أمها فانصاعت لأوامرها وذهبت لتستعد وتلبس شيء مناسب أما رفيف فقد
جالست المرأة المړيضة وأخذت تتحدث معها عبر كتباتها التي تكتبها على الورقة فلم تستعد صوتها حتى الآن . كتبت لها على ملاحظة صغيرة عبارة كرم ليه مطلعش معاكي أجابتها رفيف مبتسمة في حنو 
_ هو قالي إنه هيطلعلك بعد الفرح لما يجيب شفق البيت
ابتسمت ودونت على الورقة كالآتي تعرفي هو اللي مصبرني على اللي أنا فيه واللي مخليني كويسة إنه بيجيني كل يوم يطمن عليا بمجرد ما اشوفه بحس إن سيف قدامي وهو اللي مصبرني على فراقه 
قرأت ما دونته وادمعت عيناها بتأثر و وشفقة على هذه المرأة التي شقيت ألم فراق لحسن وزين عقبالك هتفت رفيف وهي تبادلها نفس فسمات وجهها المشرقة 
_ آمين أنا وشفق يارب
ارتدت رداء بسيط من الألوان الغامقة ولفت حجابها ببساطة أيضا فوق شعرها دون أن تضع أي مساحيق جمال ثم توجهت نحو نافذتها ونظرت منها فتجده يقف مستندا على السيارة وينظر لساعة يده متفقدا الوقت ثم رفع نظره للأعلى فتراجعت هي للخلف فورا بفزع وامسكت بهاتفها تجري اتصال بجارتهم المقربة التي تقارب أمها في السن تطلب منها أن ترافق والدتها قليلا حتى تعود من الزفاف ففعلت هي على الفور وبعد دقائق أتت لهم فودعت شفق أمها وذهبت بصحبة رفيف وصعدت بالمقعد الخلفي في السيارة بينما استقلت الأخت بجانب أخيها في الأمام !! ...
ردهة طويلة والبساط الأحمر على الأرض من بداية الردهة لنهايتها وكانوا قد تأخروا على عقد القرآن والجميع ينتظرهم حتى يبدأو فسبقها كرم ورفيف للداخل التي كانت تتلفت برأسها لها طالبة منها الإسراع وبقيت هي تسير بهدوء وتتلفت حولها تحدق في هذه الردهة الفخمة والملوكية إن كانت هذه الردهة فما حال الباقي .. لحقت بهم ثم وقفت بعيدا تشاهد مراسم عقد القرآن لكل من حسن وزين والذي ما إن انتهى ارتفعت نبرة المأذون وهو يقول بارك الله لكم وبارك عليكم وجميع بينكم في خير فانطلقت التهئنات من الجميع وكانت هي تتابع ما يحدث بابتسامة بسيطة حتى وجدت رفيف تسحبها معها وجلسوا جميعهم على طاولة واحدة .
وضع حسن كلتا وهي بدورها لفت ذراعيها حول عنقه يرقصون على الحان اغنية قامت رفيف باختيارها وتطالعه يسر بابتسامة متسعة بها شيء من الثقة ليتلفت هو حوله ثم يقترب من أذنها ويهمس ساخرا 
_ افرحي واضحكي براحتك عشان لما نخلص من الفرح المستفز ده ونروح البيت
معتقدش إني هشوف الابتسامة دي على وشك تاني
لم تؤثر بها كلماته الټهديدية والشرانية بل بالعكس زادتها حماس وزادت ابتسامتها اتساعا وهي تجيبه بدورها في أذنه هامسة بثقة تامة 
_ متقدرش تعمل حاجة وأنا بقول منستعجلش ونشوف النتيجة هتكون في صالح مين في النهاية
رأت عيناه التي تحولت إلى جمرة نيران وقسمات وجهه الملتهبة وحمراء كالدم وهو يصر على أسنانه فتوقعت ما يدور في ذهنه وما يود فعله بها بهذه اللحظة لتعود وتهمس مجددا في أذنه ببرود أثار براكينه التي على وشك الانفجار 
_ ابتسم يابيبي عشان الناس مينفعش كدا !!
ثم يقترب هو ويهتف متوعدا لها بنظرة مخيفة 
_ وحياة أمي يا يسر لاوريكي اللي ميقدرش يعمل حاجة ده بس نوصل البيت
الآن الخطړ أشد بعد إن أصبحت زوجته تحاول توقع فعله إن عرف بمخططها الدنىء للزواج منه الذي لا يحقق سوى مصالحها الشخصية الأنانية كيف ياترى سيتقبل الأمر هل سيسامحها ويتغاطي عن الأمر أم أنه هو الذي سينهي كل شيء بينهم ويطلقها .. ولكنها تقسم له ألف مرة أنها حاولت مرارا وتكرارا أن تبتعد ولا تعرف ما الذي يمنعها من محادثته إلى أن انتهى بها المطاف زوجة له عليها واجبات ولها حقوق ومن أول واجباتها الأخلاص له ولكن كيف وهي حتى الآن لم تتخلص وتتمكن من نزع ذلك العشق المدنس من قلبها . أما هو فكان في ذروة سعادته يشعر بقلبه يتراقص فرحا فهي لا تدري ما مدى الفوضى التي صنعتها بداخله منذ أول لقاء بينهم
وفي شهر واحد بعثرته أكثر واسقطته في وحل عميق والآن فقط أعادت ترتيب قلبه الفوضوي حين باتت زوجة له وهذا يعني لا حدود في المعاملة لا حذر لا خوف
تم نسخ الرابط