رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق

رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق

موقع أيام نيوز

اللي هينفعك في دنيتك وآخرتك وأنا قولتلك أهو وحذرتك
هب واقفا ثائرا وهو يهتف بضجر شديد 
_ إنتي ليه مش عايزة تفهمي اللي جوايا أنا جوايا ڼار بتاكل فيا وبتزيد كل ما افتكر واتخيل اللي حصلها دي مراتي يا أمي وكانت أسبوع بس و هتبقى في بيتي ومعايا محدش فاهم ۏجعي ولا المي من جهة إني خسرتها قبل ما احصل عليها أصلا ومن جهة الطريقة اللي ماټت بيها ومن جهة شوقي ليها وصورتها اللي مبتفارقش أحلامي من ساعة ما ماټت .. واللي واجعني اكتر إنها كانت حبيبتي مش مراتي بس وكنت مستني اللحظة اللي نجتمع فيها مع بعض في بيت واحد واتحرمت من ده كله بسبب اللي بتقوليلي لو أذيته هغضب عليك عايزاني انسى اللي حصل واقول يلا مش مشكلة ماهي ماټت والحي
ابقى من المېت وهو مسيره ياخد جزائه .. أنا آسف يا أمي سامحيني ارجوكي بس مش هقدر أعمل اللي بتطلبيه مني لإني لو مخدتش حقها ڼاري اللي جوايا وتحرقني أنا
ثم انصرف من أمامها ومن الغرفة بأكلمها وتركها في نازلتها التي سيترتب عليها خسارتها لأحد ابنائها وزهرة قلبها فما كان عساها شيء سوى البكاء بحړقة وهي تندب حظها وتنوح بصوت خفيض كأنها في عزاء أحدهم .. فقد خسړت زوجها جراء لحاډث أليم وكانت ستفقد معه ابنها الذي هو كان رافض الزواج ايضا بسبب ماضيه الذي لا يرحل عن باله واقنعته بصعوبة أخيرا بالزواج وحسن الذي لا يحمل مسئولية شيء مطلقا ويعيش لنفسه فقط وكرم الذي سيقضى على نفسه بسبب غضبه وتهوره وحزنه على زوجته .. ماذا عساها أن تفعل مع ثلاث رجال كهؤلاء سوى الدعاء لهم بالهداية ! . احست بانفاسها تضيق وإنها لا تقوى على الوقوف فسقطت فاقدة للوعى جراء مرضها بالقلب ! .
داخل أحدي المستشفيات ...
كان يسير إيابا وذهابا في الطرقة أمام الغرفة الكامنة فيها أمه ويلعن نفسه في اللحظة ألف مرة لأنه السبب في كل هذا وشقيقته تجلس على أحد المقاعد ولا تتوقف عن البكاء وانضم لها على مقعد مجاور لها هامسا 
_ خلاص يارفيف كفاية عياط إن شاء الله هتبقى بخير .. ادعيلها ربنا يقومها بالسلامة
لم تجيبه واكتفت ببكائها بين ذراعيه أما هو فانتبه لحسن الذي يتجه نحوهم راكضا وثواني حتى وقف أمامهم وقال بصوت لاهث ووجه مذعور 
_ حصل إيه ياكرم ماما مالها 
_ لسا الدكتور مطلعش من عندها قولت لزين 
هز رأسه نافيا وأجاب برزانة 
_ لا لما يطمنا الدكتور عليها هتصل بيه بلاش نقلقه من دلوقتي فهموني حصل إزاي ده 
تحدثت رفيف بصوت مبحوح ونبرة واضح عليها البكاء العڼيف 
_ كانت بتتكلم مع كرم وأنا سمعت صوتها بتزعق معاه وبعدين هو طلع وسابها وأنا طلعت أشوفها لقيتها واقعة على الأرض
تأفف حسن بعدما توقع سبب شجارهم ونظر إلى أخيه شزرا هاتفا پغضب هادر 
_ إنت مش عارف إن أمك عندها القلب يعني ! ولا هو عشان تاخد حق مراتك هتخسر أمك بسبب عنادك ياكرم
_ حسن أنا واصلة معايا لهنا متتكلمش معايا نهائي
أماء بحدة وغيظ وتمتم وهو غير واعي لما يخرج منه فمه 
_ آه ما أنت أهم حاجة عندك مراتك مش مهم أمك يحصلها حاجة ولا ټموت ابقى خلي اڼتقامك لمراتك ينفعك لما أمك تحصلها بسببك
وثب واقف ورفع سبابته في وجهه محذرا إياه بنظرة ممېتة 
_ آخر مرة هقولهالك اتجنبني خالص ياحسن وموضوع مراتي محدش ليه دعوة بيه متشغلوش بالكم بيا بس ومحدش هيحصله حاجة
ثم انصرق وترك أخيه يتابعه وهو يغادر مندهشا ثم عاد بنظره إلي شقيقته وقال 
_ شايفة بيقول إيه !! لا ده اتجن على الآخر
_ سيبه ياحسن متتغطش عليه هو كمان معذور حط نفسك مكانه وهتفهمه وعلى فكرة هو قلقان على ماما أكتر مننا
صاح حسن في انفعال 
_ ياعم أنا مقولتش إني مش فاهمه ولا إن هو مش قلقان على ماما بس يعمل حساب إن أمه مريضة ومش بتستحمل ويمسك أعصابه قدامها كلنا بنحاول نبعد عنها الضيق عشان متتعبش وهو مجرد ما حد يفتح معاه موضوع اروى بيتحول
قطع حدوثهم خروج الطبيب من
الغرفة فركضت رفيف أولا له تنتظر منه أن يخبرهم بوضع والدتهم وكان حديثه أعاد لهم الحياة من جديد حيث قال 
_ اطمنوا الحمدلله هي كويسة بس ياريت تتجنبوا إنها تتعرض لمواقف تزعلها أو
تعصبها هي دلوقتي فاقت وزي الفل تقدروا تدخلوا ليها
_ تمام شكرا يادكتور
قالها حسن ممتنا بإبتسامة واسعة أما رفيف فلم تنتظر شيء حيث هرولت إلى داخل الغرفة وعانقت والدتها بقوة وهي تهتف بسعادة ممزوجة بالدموع 
_ حمدلله على سلامتك ياماما ليه كدا
تضايقي نفسك إنتي مش عارفة وضعك يعني ياماما
غمغمت بصوت متعب ومنخفض 
_ الحمدلله ياحبيبتي
رأت حسن الذي انضم لهم للتو واقترب من فراش والدته ثم 
_ إيه اللي جاب الواد ده هنا
ضحكت رفيف بقوة وانطلقت هو منه ضحكة رجولية متأججة وأجابها معاتبا 
_ اخص عليكي ده جزاتي يعني ياست الكل
نقلت نظرها بين أركان الغرفة ثم قالت باستغراب وقلق 
_ كرم فين 
تمتمت رفيف وهي تنظر لحسن بلوم 
_ اټخانق مع حسن قبل ما يطلع الدكتور من عندك وشكله طلع يقعد برا هروح انده وأقوله إنك فوقتي
ثم استقامت وغادرت بينما حسن فكان يخطف نظرات إلى والدته التي تطالعه باستياء وعتاب شديد وقبل أن ترمي عليه
عتابها وڠضبها قال 
_ متبصليش كدا هو غلطان !
_ لا مش غلطان .. إنت عارف أخوك عمره ما على صوته عليا أنا اللي حصلي ده بسبب خۏفي عليه ليعمل حاجة في نفسه بسبب عنده .. وإياك ياحسن تكلم أخوك وتشد معاه تاني ده بيني وبينه ملكمش دعوة إنت وزين
جلس على حافة الفراش وقال ساخرا بابتسامة 
_ حاضر مش هنقرب من ابنك حبيب قلبك بس أنا بقى مش هتدخله في أي حاجة
أظهرت عن وجهه الغاضب وقالت 
_ أهو إنت اللي هتتعبني .. هتتدخل ياحسن إنت وعدتني وإلا ....
قال ضاحكا بمشاكسة 
_ من غير وإلا ياعم بهزر معاكي أكيد مش هسيبه يودي نفسه في داهية المتخلف ده
عادت الراحة لقسمات وجهها وقالت باسمة بحب أمومي 
_ ربنا يكرمك ياحبيبي أيوة كدا خليك ورا أخوك ومتسبهوش
قطع حديثهم دخوله الغرفة فرأى حسن أمه تشير له بعيناها إلى الباب ففهم مقصدها ووقف وغادر تاركا إياهم بمفردهم وظل كرم متصلبا بأرضه مطرقا أرضا يخجل من ان يرفع نظره في وجه والدته بعد أن فعله في الصباح معها حتى أتاه صوتها الناعم والحاني وهي تطلب منه الجلوس بجانبها فلبي طلبها وجلس بجوارها والتقط كفها يلثم إياه برقة ورفع نظره لها فرأت الدموع المتجمعة في عيناه وهو يهمس لها بندم وخجل 
_ أنا آسف يا أمي سامحيني والله ما أقصد اضايقك أنا مش عارف إزاي اتعصبت كدا عليكي
ثم ډفن وجهه بين كفها واڼفجر باكيا كطفل صغير فانفطر قلبها عليه وملست بكفها الآخر على شعره الناعم هامسة بصوت يغالبه البكاء 
_ أنا مش زعلانة منك ياكرم والله وعذراك ياحبيبي أنا كل اللي بعمله ده بسبب خۏفي عليك
رفع وجهه عن كفها وغمغم بخفوت 
_ ڠضب عني بعمل كل ده والله حاولت كتير إني اشيل من دماغي الأفكار دي وأخد حقها بالقانون بس رجولتي وكرامتي مش بتسمحلي أنا متأكد إنك حاسة بيا وباللي جوايا وعشان كدا مش بتزعلي مني بس من هنا ورايح هعمل اللي يريحك ويرضيكي
لاحت ابتسامة ساحرة على وجهها كلها رضا وحب لفريدها الذي أنعم الله عليها به ثم مدت يدها ووضعتها على وجنته هاتفة بثقة تامة وابتسامة دافئة 
_ إنت فاكر إني خاېفة إنك لا أنا خۏفي الحقيقي عليك منه لكن إنت متعرفش ټأذي حد ياكرم حتى لو كان واحد قاټل ومچرم إنت بتقول بس أنا جوايا واثقة مية في المية إنك مش هتقدر تعملها ابني اللي ربيته مبيعرفش يأذي نملة بقى معقول هيأذي إنسان مستحيييل عارف لو كان حسن أو زين أقولك أخاف فعلا إنهم ممكن لكن إنت مخفش إنك أنا خاېفة عليك .. خاېفة يلبسك تهمة ويدخلك السچن أو يأذيك
أطرق رأسه في خنق واستياء من نفسه وهو يجيبها ينفى حديثها 
_للأسف في دي أنا مش هكون ابنك اللي ربتيه ومقدرش اوعدك بحاجة أنا عارف إني مش هقدر اوفى بيها
غمغمت هدى برزانة وصوت رخيم 
_ عشان كدا بقولك خد حقها بالقانون هي مستحيل تبقى مبسوطة لما ټتأذي بسببها لكن لما تاخدلها حقها من غير ما ټأذي نفسك هتفرح وهترتاح
تمتم باستسلام مؤقت وخضوع تام لها 
_ حاضر هشوف يا أمي إن شاء الله هعمل إيه يرجع بس سيف من المأمؤرية دي وهكلمه
قبضت على كفه في حنو أمومي وغمغمت بدفء 
_ ربنا يحميك يابني ويريحك زي ما ريحتني
طالعها بابتسامة بسيطة فبادلته بابتسامة محبة وحانية ...
هل يمكن أن ينمو عشق نشأ من الكذب والخداع ! .
كانت تقول دائما أن العشق ثقة وهي
الآن ستقبل بالزواج من رجل وقبل أن تأخذ هذا القرار ډمرت مبدأ العشق لديها فهي هدمت الثقة بينهم قبل أن تبدأ ! .
ربما انكسار قلبها جعلها على استعداد أن تسير وتدعس على كل القلوب فقد كانت وفية ومخلصة لدرجة سببت لها الآلم فيما بعد ورغم وفائها فلم يتردد في تلويث مفهوم العشق على أنه ثقة بعد خيانته لها جعلها تفقد الثقة
في أي رجل أي كان .. فقدت الثقة ولكن مازالت تحبه وهذا هو سبب زواجها !! .
أجل فقد فكرت بعقليتها الساذجة والمخطئة بأنها ستنتقم لكرامتها منه بزواجها من رجل لا تريده ولا تحبه وفقط من أجل إثارة غيظه وغيرته ومع الأسف
ستفعل أخطأ شيء في حقها وحق زوجها المستقبلي وستتسبب في هدمان علاقتهم قبل أن تبدأ بسبب هذه الخطأ الذي لا يغفر بالنسبة لرجل مثل زين ! .
انفتح الباب ودخلت أمها وهي تحمل على يديها ملابسها المغسولة ووضعتها على السرير أمامها وقبل أن ترحل أوقفها صوت ابنتها وهي تنده عليها فالتفتت وقالت 
_ ايه ياملاذ مالك !
_ هي طنط هدى مردتش عليكي ولا حاجة 
ابتسمت الأم بسعادة وعادت فورا لتجلس بجانبها وتهتف بتلهف وحماس 
_ ردت كلمتني الصبح بدري وقالتلي إن زين موافق
وصلى استخارة ومرتاح الحمدلله وبعدين ميوافقش إزاي ده انبهر لما شافك هو حد يشوف القمر ده ويرفض بس .. ما علينا إنتي موافقة صح 
أصدرت تنهيدة حارة قبل أن تجيبها كالمجبورة على شيء 
_ موافقة ياماما بس مش عايزة أعمل خطوبة ياريت نخليها كتب كتاب علطول أو فرح
اختفت ابتسامة والدتها فورا وطالعتها بريبة شديدة واندهاش ثم قالت 
_ فرح إيه ده اللي علطول .. إيه اللي انتي بتقوليه ده ياملاذ 
هتفت بحدة بسيطة ونبرة تحمل الألم 
_
تم نسخ الرابط