رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق
رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق
المحتويات
هو فكان ېختلس نظرات سريعة لها من آن لآن فلا ينكر سعادته حين رآها ترتديه وبالأخص حين سمع جملتها بأنها لا تريد رجل سواه يراها والآن هو يواجه صراع بين رغبة قلبه وحكمة عقله التي ترفض
الخنوع لها ويقتنع أن التي قامت بخداعه مرة بإمكانها أن تفعلها مجددا !! ......
داخل منزل محمد العمايري ....
ينظر لصحن الطعام الذي أمامه بصمت ويحرك المعلقة يمينا ويسارا فيه دون أن يرفعها لفمه مطلقا يفكر فيما قالته أمه له فقد كان جزء من كلامها صحيح والجزء الآخر يستحيل حدوثه هي لديها الحق عندما قالت إلى متى سيظل يحاول حمايتها ويرعاها هكذا وإلى متى ستبقى معهم في المنزل ولكن حلها للمشكلة بزواجه منها لا يمكن بل مستحيل .. ولا يستطيع أن يوهب قلبه لامرأة سوى زوجته التي تمثل مانع وحاجز بينه وبين أي امرأة أخرى فلقد نجحت في أن تعميه عن النساء اجمعهم في حضورها وحتى بعد مماتها ! .
_ صباح الخير !
ردت عليه في اقتضاب متصنع حتى توهمه بأنها بالفعل غاضبة منه ولن ترضى عنه إلا حين ينفذ ما تريد
_ صباح النور
نهض من
مقعده واقترب ليجلس على المقعد المجاور لها ثم امسك بكفها وقبل ظاهره بحنو متمتما في اعتذار صادق
سحبت يدها من بين يديه وهتفت في إصرار وقسۏة وهي تكمل تناول طعامها
_ وأنا قولتلك الحل ياكرم ومعنديش غيره وهنفذ اللي قولتهولك فعلا لو متجوزتهاش
استغفر ربه وهو يزفر بنفاذ صبر ويتمتم متوسلا إياه برقة
نظرت له واغلقت على قلبها بالمفتاح حتى لا يدخله بنظراته وكلامه ويضعف من موقفها وليخرج
صوتها قاسېا لا يحمل رحمة
_ لازم تضحي بحاجة وشوف بقى إنت هتضحي بإيه
_
دي مفيهاش اختيار ولا تضحية إنتي كأنك بتطلبي مني ادمر حياة البنت أنا لو عملت اللي بتقوليه هبقى بظلمها وأنا مش هقبل بكدا لإني عارف إني مش هقدر انسى اروى ولا أحبها
_ هتحبها وابقى افتكر اللحظة دي لما تتجوزها ويحصل اللي بقولك عليه
هو رأسه نافيا بعدم حيلة عندما أدرك استحالة الحديث معها ومحاولة اقناعها بأن تتوقف عن ما تفعله فهتف محاولا تغيير مجري الحديث حتى لا يفقد زمام نفسه
_ معاها محاضرة مهمة طلعت من الصبح بدري وبعد ما تخلص هتروح على الشركة
_ وشفق !
هنا التزمت الصمت للحظات قصيرة ثم التقطت قطعة خيار والقتها في فمها متمتمة في برود وهدوء تام
_ مشيت الصبح صمتت إنها تمشي وأنا مقدرتش امنعها .. أصل همنعها بأي حق وهي بنفسها قالت إنها مش مرتاحة هنا يعني رأيها من رأي في موضوع إنها مينفعش تقعد
_ مشيت إزاي يعني !! وليه مصحتنيش ! وإزاي تسبيها تمشي بالسهولة دي !!
_ هعملها إيه يعني هربطها في السرير مثلا !
هب واقفا وهو يتأفف بأنفاس ملتهبة فلقد نجحت الظروف في إخراج جانبه السيء ورغم كل هذا لازال ينجح في السيطرة على جموحه أمام أمه حيث هتف بهدوء مزيف
_ وراحت فين !
هزت كتفيها لأعلى بمعني لا أعرف ليخرج هو هاتفه ويتصل عليها فيجد هاتفها خارج نطاق الخدمة ليلقى نظرة معاتبة على أمه قبل أن يندفع لخارج المنزل ظنا منه أنه عندما يذهب لمنزلها سيجدها فيه !! ......
مرت ساعة منذ استيقاظه وهو يجلس أمام التلفاز ولم يسمع لها صوت فليس من العادة أن يستيقظ ويجدها مازالت نائمة مما أثارت شكوك القلق بداخله فهب واقفا واتجه نحو غرفتها ثم فتح الباب ببطء هاتفا مناديا عليها بصوت عادي
_ يسر !!
فسمع صوت رذاذ المياه في الحمام ليدرك أنها استيقظت وتأخذ حمامها الصباحي ولكن فضوله دفعه للدخول وتفحص غرفتها واشيائها والقى نظرة شاملة وعامة أولا
على الغرفة متفحصا جميع أجزائها بعيناه وبتلقائية قام بفتح الخزانة كنوع من الفضول أيضا ولسوء الحظ أنه فتح الباب الخطأ حيث رفع حاجبه مبتسما بشيء من السخرية ومد يده يقلب بين ملابس العرائس النسائية التي لا تخلو خزانة زوجين منها كانت الوان وأشكال ومعظمها من الألوان المفضلة لديه هل هذه صدفة أم تلك الخبيثة خططت لكل شيء ! كان يخرج واحدا واحدا يمسكه من رأس الشماعة ويقلبه يمينا ويسارا هل كانت حقا تظن أن الحياة بينهم ستكون ورديه لتقوم بشراء كل هذه الملابس المٹيرة !! كان يحدث نفسه هكذا وبعد ما يقارب الدقيقتين أغلق الخزانة وهم بالمغادرة ولكن البوم الصور الموضوع على الفراش لفت نظره فاقترب وجلس ثم التقطته وبدأ يقلب في صوره كانت صورة تجمعها مع أصدقاء لها وصور جماعية عندما كانت في الجامعة ولكن احتوى الألبوم على صور كثيرة جدا تجمعها بشاب لا يعرفه ربما كانت كثيرة أكثر من اللازم إلى الحد الذي جعله يتساءل بشدة وتصيبه الشكوك حول ما العلاقة التي تجمعها بذلك الشاب والذي تسمح لها بأن تلتقط كل هذه الصور معه وتقوم بحفظها داخل البوم !! .
خرجت من الحمام وهي ترتدي ملابس منزلية تصل لركبيتها وبحملات أظهرت عن ذراعيها كاملا وجزء من صدرها العلوي وبمجرد ما رأته انتفضت واقفة بزعر واسرعت تنزل المنشفة التي على شعرها وتلفها حول ذراعيها لتخفي شيء قليلا ثم هتفت باستغراب
_ بتعمل إيه هنا !!
تجاهل سؤالها ورفع الألبوم أمامها يسأل في ريبة واضحة وصوت غليظ
_ مين ده !
اقتربت وسحبت من يده الألبوم واغلقته ثم وضعته علي المنضدة الصغيرة بجانب الفراش وقالت في ضيق ملحوظ من عبثه بأشيائها دون إذنها
_ مش لازم تعرف اعتقد إن مش هتفرق معاك ثم إن إنت أصلا مين سمحلك تقلب في حاجتي من غير أذني
استفزه جدا طريقتها ولكنه تمكن من تمالك انفعالاته
وغمغم في برود كان مستفز أكثر بالنسبة لها
_ أنا سألتك سؤال واحد وأظن أن الأجابة مش محتاجة الرغي ده كله
_ وأنا مش عايزة أقولك أساسا
أجابها بنظرة صارمة وحادة
_ أعرف ليه بقى !
هتفت بعدما اكتراث له مطلقا وكلمات اشعلت فتيل النيران في أعماقه
_ حاجة متخصكش وبما إننا قريب أوي هنتطلق أعتقد ملهاش لزمة وممكن بقى تطلع عشان عايزة البس
صر على أسنانه وكور قبضة يديه كدليل على هيجانه الداخلي وأنه يمنع نفسه الثائرة عنها بصعوبة ثم هتف بابتسامة مزيفة تخفي خلفها جموح مخيف
_ ماشي يايسر !
ثم انصرف وتركها تفكر في أمره وتبتسم بسعادة داخليه فلأول مرة ترى اهتمامه بشيء يخصها كان دوما يشعرها بأنها نكرة وليست ضمن قائمته بتاتا ولوهلة شعرت أنه تضايق بسبب هذه الصور ولكن رفضت هذه الأفكار السخيفة فآخر
شيء تتوقعه منه الآن هو الغيرة ما حدث للتو ليس سوى بدافع فضوله وتطفله عليها !! .......
مع تمام
الساعة الواحدة ظهرا داخل شركة العمايري .....
كانت رفيف تتفحص مكتبها الجديد بابتسامة عريضة تتفقد كل شيء به وبالمكتب الخشبي ذو اللون الأسود والنافذة التي تعطي اطلالة رائعة على الشارع بالخارج من الأعلى وبينما هي منشغلة بالنظر من النافذة سمعت طرق الباب فالتفتت وسمحت للطارق بالدخول فوجدته علاء حيث فتح جزء من الباب وهتف باسما بمشاكسة مألوفة منه
_ مبروك على الوظيفة الجديدة .. خلاص بقينا business woman
ضحكت بخفة ثم أجابته في رقة طبيعية منها
_ ادخل ياعلاء
دخل وترك الباب مفتوحا وجلس على مقعد وثير أمام المكتب وهتف ضاحكا
_ على حظك الۏحش إن يسر مجاتش النهردا
جلس على مقعدها الخاص أمام مكتبها وقالت ببساطة وهدوء محاولة ان تكون أكثر حذرا في التحدث معه حتى لا تتخطى الحدود كما وعدت أخيها
_ مش مشكلة لسا الأيام جاية كتير إن شاء الله .. شكرا جدا ياعلاء إنت السبب الأكبر أني بدأت شغل هنا لولا إنك قولت ليسر وهي اقنعت حسن مكنتش هعرف اقنعهم نهائي
ابتسم لها بلطف وحدجها بنظرات دافئة مغمغما في صوت هاديء وجذاب
_ أي خدمة يابنت العم أي حاجة تعوزيها هتلاقيني موجود اطمني .. يلا أنا همشي بقى أنا قولت آجي
ابارلك على السريع بس عايزة حاجة
هزت رأسها بالنفي وهمست مبتسمة بصفاء
_ عايزة سلامتك !
هب واقفا وانصرف بعد أن أغلق الباب خلفه أما هي فاستمرت في تفحص كل شيء يحتويه داخل الأدراج هذا المكتب متوسط الحجم .......
في مساء ذلك اليوم وبينما الساعة كانت قد تخطت الثانية عشر بعد منتصف الليل فتحت ملاذ عيناها ونهضت من فراشها وهي تفرك عيناها لتزيح بعض من أثار النوم حتى تتمكن من الوقوف والذهاب للمطبخ لشرب الماء فذهبت للمطبخ وشربت كوبا من الماء البارد وبينما هي في طريق عودتها لفراشها وغرفتها سمعت صوتا هاديء وجميل يتلو القرآن لوهلة ظنت أنه الراديو أو تسجيل لأحد الشيوخ من شدة جمال الصوت لتقود خطواتها نحو مصدر الصوت وتفتح الباب ببطء فتجده هو الذي يمسك بكتاب القرآن الكريم ويتلو آياته كسلاسل من ذهب بصوت يبعث السکينة والاطمئنان في النفوس فتبتسم هي بحب وتدخل ثم تغلق الباب خلفها بحذر شديد وتقترب منه لتجلس بجوايلا
على الأريكة الصغيرة وتستند بمرفقها على حافة الأريكة العلوية وهي مثبتة نظرها عليه تتلذذ بجمال صوته أما هو فانتهي من الآية وتوقف عن القراءة لينظر لها ويقول باستغراب
_ إيه اللي مصحيكي دلوقتي !
قالت برقة ساحرة وابتسامة ټخطف القلوب بغمازتها
_ قومت أشرب وسمعت صوتك فجيت
_ طيب روحي كملي نومك !
هزت رأسها بالرفض وهي تقول بصوت ينسدل كالحرير ناعما
_ لا هنام جمبك هنا على صوتك كمل يلا
أردف في جدية بسيطة وحزم
_ هتنامي هنا إزاي يعني قومي روحي اوضتك ياملاذ
تشدقت بإصرار والحاح تام
_ يبقى تاجي معايا الأوضة وتقعد جمبي تقرأ قرآن لغاية ما أنام يا إما أقعد هنا
أدرك أنه لا مفر من عنادها وإصرارها فاستسلم لها وهتف مغلوب على أمره
_ استغفر الله العظيم .. طيب اسبقيني على الأوضة وأنا جاي وراكي
ارتفعت ابتسامتها وكادت أن تشق طريقها حتى أذنيها من فرط سعادتها بموافقته أن يبقى بجوارها لدقائق الليلة في غرفتها حتى تنام ثم استقامت وعادت لغرفتها مجددا وتدثرت بالغطاء لنصف جسدها وهي جالسة في انتظار مجيئه وبعد لحظات دخل واغلق
متابعة القراءة