رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق
رواية ضروب العشق بقلم ندى محمود توفيق
المحتويات
لما أخد حقها
_ ربنا يرحمها ياحبيبي هي في مكان أحسن منينا
غمغم في صوت يغلبه البكاء
_ وحشتني أوي يا أمي
جففت دموعها وحاولت امساكهم حتى لا يسقطوا مجددا ثم أخذت تملس على شعره كما كانت تفعل في صغره .. فشعره نقطة ضعفه يهدأ وسسكن تماما عندما يلامسه أحد .
مرت دقائق قليلة وهي لا تزال تملس عليه بحنو حتى خرج صوتها مهتما
ابتعد عنها ومسح على وجهه مغمغما بأسى وإشفاق على تلك المسكينة
_ عدى يوم وداخلين في التاني أهو ولسا زي ما هي مبتتكلمش والأكل صحبتها بتخليها تاكله بالعافية دخلت ليها النهردا حاولت اتكلم معاها وهي كأنها مش عايشة ومش سمعاني ومبصتش عليا حتى
تنهدت هدى في حزن وشفقة وقالت بقسمات وجه متأثرة
_ أمها كانت وحيدة أبوها وأمها وأبوها معاه أخ وفي مشاكل كبيرة أوي بينهم وعايشين برا وحتى لما ماټ ابن اخوه مهنش عليه ياجي يحضر العزا ربنا يصلح الحال .. أنا هستني الصبح يطلع وهغير هدومي وهروح أجيبها من المستشفى وأخليها تاجي تقعد هنا معانا مش هقدر أسيبها وحدها في البيت
_ أعمل اللي تشوفه صح يابني
داخل شركة عائلة العمايري بعد ساعات ليست بقليلة
كانت يسر في مكتبها وبيدها كوب الشاي الدافىء الصباحي الخاص بها وترتشف منه ببطء وهي تقف أمام النافذة تشاهد الداخل والخارج للشركة من نافذتها فإذا بنظرها يقع على المدعوة ب رحمة وهي تسير صوب الباب مسرعة لتبتسم بسخرية امتزجت باللؤم وهي تهمس في نظرات شيطانية
ثم وضعت كوب الشاي على المنضدة وهندمت من ملابسها وتنصب جسدها لتقف شامخة ثم اندفعت للخارج متجهة نحو مكتب زوجها وقبل أن تدخل وقفت تتحدث للسكارتيرة في جدية مغمغمة
_ ميرنا البنت اللي اسمها رحمة طالعة لما توصل اديني رنة وخليها تدخل علطول وادخلي وراها وقولي إنها دخلت بالڠصب فاهمة
_ كان المفروض امنعك من الشغل مش هتبقى في البيت والشركة
_ اخص عليك ياحسن !! .. على فكرة إنت بټجرح مشاعري !!
وهو
يستدير له هاتفا في استهزاء
_ إيه ده هو إنتي عندك ډم !! أنا كنت فاكرك عديمة الإحساس
رسمت ابتسامة صفراء على شفتيها وهي تجز على اسنانها وتجيبه بغيظ مكتوم
_ دمك شربات يابيبي !
لف وقال في نظرة وقحة وكلمات قاصدا منها أن يثير ڠضبها التي تحاول كبحه أمامه
سمعت رنة هاتفها في جيبها فتحكمت في أعصابها وابتلعت كلامته المهينة في جوفها حتى لا تفسد خطتها وزادت من اتساع ابتسامتها المزيفة همست بالقرب من أذنه في ثقة تامة
_هنشوف
وكما خططت فتحت رحمة الباب وهي تبتسم باتساع وسعادة غامرة ولكنها تسمرت بأرضها عندما رأته في هذا الوضع مع زوجته التي كان يخبرها بالأمس أنه لا يحبها وسيطلقها !! لتتصنع يسر الانتفاض وتلتفت لها صائحة في ڠضب مزيف ومكر
_ إيه ده إنتي ازاي تدخلي كدا !
نظرت إلى ميرنا الواقفة خلفها واكملت صياحها المزيف بنظرات استطاعت فهمها
_ إزاي تسمحيلها تدخل
تصنعت الأخرى الأسف وقالت
_ أنا آسفة يايسر هانم مقدرتش امنعها
نظر حسن لميرنا وأشار لها بعيناه أن تنصرف ففعلت على الفور ثم عاد بنظره لرحمة هاتفا في نفاذ صبر
_ إيه اللي جابك تاني !
صاحت رحمة في بكاء وحړقة
_ إنت مش كلمتني إمبارح بليل وقولتلي إنك سامحتني خلاص وإنك بتحبني و هتطلق مراتك عشان مش بتحبها .. هي دي اللي مش بتحبها !!
طالعها بدهشة فهو لم يذكر أنها تحدث
معها أبدا أما يسر فقد بدأت تظهر عن مخالبها خاصة أنها تذكر هذه المحادثة جيدا عندما عاد للمنزل بالأمس وهو ثملا وقد سمعته وهو يحدثها بالهاتف ويخبرها بمدى عشقه لها وأنا سيطلقها وسيتزوجها تحت عبارة تافهة لإني بحبك تبا لك ولحبك الساذج هذا .. فاقسمت بأن تذيقه من نفس الكأس الذي يجبرها على ابتلاع ما به من جفاء ولكن عندما يحين الوقت المناسب .
هتف وهو يضحك بسخرية
_ أنا قولتلك كدا !! .. أنا مش فاكر إني قولت حاجة زي دي أبدا وحتى لو قولتها فهي أكيد مش حقيقة
همت بأن تجيب عليه ولكنها وجدت قبضة
يسر تقبض على ذراعها وتسحبها معها للخارج فلم يحاول أن يمنع زوجته بل تركها لتفعل بها ما تشاء فتلك الساقطة تستحق كل شيء حتى ولو كان يزال يضمر لها القليل من العشق في قلبه .
زجت بها يسر داخل المصعد وقالت في نظرات ڼارية ومتقدة تحمل الټهديد
_ أظن شوفتي وادركتي إنه بيحبني أنا وإني مراته وهفضل لغاية آخر نفس فيه مراته فإنتي زي الشاطرة كدا هتبعدي عن جوزي وهتبطلي تحومي حواليه وإلا هتشوفي مني حاجة مش هتعجبك ومتنسيش إنه معرفش غير نص حقيقتك فاحترمي نفسك وابعدي بكرامتك ده آخر تحذير ليكي يارحمة إنتي متعرفنيش لسا فتجنبي ڠضبي أحسن
ثم ضغطت على زر المصعد لكي يعود بها للدور الأرضي وطالعتها شزرا والباب ينغلق ببطء ثم التفتت وعادت لمكتبها وهي تستشيط من الاستياء والازدراء وتهمس
_ قال يطلقني دي نجوم السما اقربلكم !!
انتهى من ارتداء ملابسه التي هي عبارة عن بنطال أسود وقميص رصاصي اللون ويعلوه سترته السوداء وقف أمام المرآة وصفصف شعره جيدا ثم وضع مفاتيحه وهاتفه في جيبه وهم بالانصراف
ولكنه توقف عندما خطرت على ذهنه من أين أتى قلبه بكل هذه القسۏة ليترك المسكينة حبيسة غرفتها منذ ليلة الزفاف مر يوم وليلة واليوم هو اليوم الثاني لهم ولم يراها سوى مرة واحدة وكأن كل منهم يعيش في منزل منفصل وليس الغرف فقط !!! .. انتابه القلق والخۏف عليها من أن يكون قد أصابها مكروه فهي لم تخرج من غرفتها مطلقا ولا يسمع لها نفس حتى هو من اختار أن يستمر زواجهم لشهر كاملا ويجب عليه أن يحكم بينهم بالعدل ولا يترك جموحه يسيطر عليه لابد من الاعتناء بها قليلا حتى لو كانت لا تستحق اعتنائه .
خرج من غرفته وكانت وجهته الأولى نحو المطبخ فتش في الثلاجة عن الطعام الذي أحضره صباح الأمس فوجده كما هو لم ېلمس حتى ليتأفف بمفاذ صبر مرددا استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيم وأتوب إليه هذه الحمقاء على الغالب تود أن ټموت من عدم الأكل !! .
تحرك صوب غرفتها وفتح الباب على مصراعيه لتنتفض هي واقفة مطأطأة رأسها أرضا من على الأريكة التي كانت تجلس عليها وتضم ساقيها لصدرها متفردة بعنائها وشقائها شعرت به يقف أمامها مباشرة ويهتف في صوت غاضب
_ وآخر ما ټحبسي نفسك هنا ومتاكليش هيحصل إيه ولا هيتغير إيه يعني !
كانت لا تجرؤ على رفع عيناها والنظر إليه فما
كان منها إلا أنها أغمضت عيناها وعضت على شفتها السفلى في مرارة وتسمعه يكمل في صرامة
_ مكالتيش حاجة من إمبارح صح !!
هزت رأسها بالإيجاب وهي تحاول الإمساك على دموعها التي تقيم الحړب عند جفنيها لتنل حريتها وتسقط ليأتيها سؤاله الثاني في ترقب ولكنه لم يكن يقصد به عدم تناولها للطعام أبدا
_ ليه !
لم تجبه وظلت على حالها تنظر للأرض في صمت وإذا بها تشعر بقبضتيه على ذراعيها ويهزها بقوة هاتفا في أعين تعاني من ألم الخېانة والعشق
_ بصيلي
وردي عليا .. ليه ! .. ليه عملتي فيا كدا أنا عملتلك إيه ! ده أنا كنت مستعد اعيشك عيشة الملوك كنتي شيفاني مغفل للدرجة دي ! لدرجة إنك هتدخلي بيتي ومش هحس ولا هشك فيكي كنت مسيري هعرف بس ربنا أراد إني أعرف قبل ما يفوت الآوان
اڼفجرت باكية ورفعت نظرها إليه أخيرا وهي تهتف بصوت مرتجف
_ صدقني ما كانت في نيتي إني أخدعك أو أخونك بمجرد إني أقبل أكون على ذمتك وأنا بفكر في راجل غيرك أنا مش هنكر إني غلطت بس والله العظيم بعد ما كتبنا الكتاب أنا خدت عهد على نفسي إني هعمل المستحيل وهشيله من عقلي وهكون ليك بكل جوارحي أنا مكسوفة ما أرفع عيني في عينك لإني معترفة بغلطي
تركها وهدر ضاحكا بسخرية وجفاء
_ عارفة أنا كنت بحبك وبحترمك وبعزك بس أتضح إنك متستهليش المشاعر النقية دي وحتى لو حصل في يوم وسامحتك عمرك ما هتقدري تسترجعي المشاعر دي
ثم استدار واتجه ناحية الباب مغادرا وتوقف قبل أن ينصرف هاتفا في حدة
_ مش عايز ارجع بليل الاقي الأكل في التلاجة زي ماهو .. كلي مش هتعاقبي نفسك بعدم
الأكل !
قال آخر كلماته واندفع مغادرا المنزل بأكمله لټنهار هي على الأرض باكية ولا تعرف كيف تتصرف في هذه المعضلة كيف يمكنها أن تستعيد ثقته بها وتجعله يسامحها ! .. فهي إن لم تمت من عدم الأكل فسيقتلها تأنيب ضميرها وشعورها بفداحة الذنب والخطأ الذي ارتكبته في حق نفسها وحقه لم تكن تود أن تصل الأمور لهذا المنحني أبدا ! .. كانت ستعيش معه حياة ستشكلها بنفسها وكانت ستجاهد وتسعى لإزالة هذا العشق المحرم والمدنث من قلبها وتعلنه هو سلطانها الجديد ورئيس قلبها الأبدي لأنها تدرك قيمة الفرصة التي ارسلها الله لها وإن لم
تكن تدركها كما يقول فما كان حالها هكذا الآن وهي تشعر بأنها خسړت فرصة ذهبية لن تعوض !! .
انتظر بالخارج لحظات وهو يبتسم براحة بسيطة فقد هدأت نفسه قليلا عندما اخبرته صديقتها بأنها أخيرا تحدثت ووضعها النفسي تحسن بعض الشيء خرجت مي من الغرفة وأشارت له بعيناها أن يدخل لها بعد ان طلب منها أن تخبرها بأنه بالخارج ويريد رؤيتها ففتح الباب ببطء ودخل بينما مي فذهبت للحمام .
جلب هو مقعد وجلس على مسافة معقولة منها مغمغما في ابتسامة رقيقة
_ عاملة إيه دلوقتي
غمغمت في أعين تائهة دون أن تنظر له
_ الحمدلله كويسة
ساد الصمت لثوان قليلة قبل أن تهمس في امتنان صادق
_ شكرا ياكرم على وقفتك جمبي أنا مش عارفة هوفيلك حق كل اللي عملته معانا ومعايا أنا بذات إزاي
هتف في
متابعة القراءة